الحرب وشحة الإمكانيات.. تحديات أمام مرضى الغسيل الكلوي في تعز
تعز/ إيناس الحميري
في إحدى زوايا مركز الغسيل الكلوي التابع للمستشفى الجمهوري بمدينة تعز يرقد “ثابت عوض ” لتلقي جلسات الغسيل نتيجة إصابته بالفشل الكلوي منذ نحو عامين.
خلال لقائه المحررة، تحدث عوض عن معاناة مضاعفة تضاف إلى المرض جراء طول المسافة ووعورة الطريق الرابطة بين قريته في منطقة “البرح” جنوب غرب تعز وصولا إلى مركز المدينة.
يقول عوض لـ (مشاقر) : ” كنا نصل إلى تعز بسهولة وتكلفة السفر كانت بسيطة لكن حاليا يستغرق سفري من البرح الى تعز ما يقارب 10 ساعات متنقلا بين سيارات التوصيل والدراجات النارية وبتكلفة تصل إلى 11 ألف ريال”.
وأضاف:” ارتفاع أجرة المواصلات يزيد الأمر تعقيداً بالنسبة لمرضى الفشل الكلوي بالإضافة إلى آلام الغسيل نفسه “.
أحلام علي، هي الأخرى مصابه بالفشل الكلوي منذ 4 سنوات، تحدثت بصوت باكٍ حول معاناتها “نأتي من قريتنا في جبل حبشي (غرب تعز) ونمر من خلال طرق جبلية وعرة وتكاليف مرتفعة لا نقدر عليها”.
وتضيف أحلام لـ (مشاقر) مستعرضة جانبا إضافيا من معاناتها “زوجي يعمل بالأجر اليومي وكثيراً ما يعود إلى المنزل خالي اليدين، لدينا أربعة أطفال يحتاجون إلى الغذاء وأنا مريضة واحتاج إلى المال باستمرار للوصول إلى المستشفى لعمل الغسيل.. وحين يتوقف زوجي عن العمل نحصل على مساعدة من فاعلي خير.
تعيش أسر يمنية عديدة في حالة من الفقر بعد أن فقدت مصادر دخلها، إلى جانب انهيار سعر العملة المحلية وانقسامها جراء الحرب، ما يزيد المشكلة تعقيدا في نظر هؤلاء المصابين بالفشل الكلوي غير القادرين على العمل في معظم الأحيان.
نقص الميزانية
في مركز الغسيل التابع لمستشفى الجمهوري ينتظر حوالي165 مصابا بالفشل الكلوي دورهم للحصول على حصتهم من الخدمة الطبية في حين تبلغ الطاقة القصوى لقسم الغسيل في المستشفى 60 حالة في اليوم الواحد بحسب مدير المركز عصام دحان.
ويضيف عصام لـ (مشاقر) : المركز يفتقر للميزانية التشغيلية ما ينعكس سلبا على عملية توفير المياه والديزل وقلة ساعات الغسيل للمريض بالإضافة إلى الحاجة لأجهزة الصيانة التي تكلف مبالغ مالية يعجز المركز عن توفيرها في الوقت الحالي.
في السياق يشير عصام إلى أنه في حال اكتمال الطاقة الاستيعابية للمركز يكون على المريض ان يختار بين الانتظار حتى ينتهي دور أحد المرضى أو العودة إلى منزله وهذا قد يتسبب في موته.
خطط طموحة رغم العوائق
فيما يخص الجهود التي تبذلها إدارة المستشفى الجمهوري حول مركز الغسيل تحدث الدكتور نشوان الحسامي مدير عام المستشفى قائلا:” قمت بعمل خطة وقدمتها للمنظمات الداعمة وفاعلي الخير وهناك وعود بالتبرع لصالح المركز الذي نشأ عام 2013 بدعم من الحكومة التركية وإلى الآن لم تكتمل ميزانيته من قبل الدولة”.
ويضيف الحسامي:” نملك خطة لهذا العام تتمثل بزيادة عدد الأجهزة في المركز إلى 57 جهازا وكذلك بناء دورين لمركز الغسيل الكلوي بالإضافة إلى حفر بئر داخل المستشفى لتوفير احتياج المركز من المياه وحاليا أنجزنا حفر البئر وإن شاء الله في نهاية العام 2021 نكون قد أنجزنا بناء مركز الغسيل”.
ويتابع الحسامي بالقول:” يوجد 22 جهاز داخل المركز حيث ان تكلفة الغسلة الواحدة في المركز حوالي 45 دولار ولا يوجد أي دعم لتوفير المحاليل والاحتياجات الأخرى”.
حرب وفيروس فاقم المعاناة
على الجانب الاخر، يعاني مركز الغسيل الكلوي التابع لهيئة مستشفى الثورة الحكومي في ذات المدينة من عدم توفر الدعم اللازم لاستمرار تشغيل الأجهزة التي قال مدير المركز فهمي الحناني أنها تعمل بدعم شحيح من بعض المنظمات الخيرية والانسانية وفاعلي الخير وفي مقدمتهم الجمعية الخيرية التابعة لمجموعة هائل سعيد أنعم التجارية.
شحة الإمكانيات المادية والعينية للمركز كثيرا ما تهدد بتوقفه عن العمل خاصة فيما يتعلق بأجور المتعاقدين الذين يتقاضون بين 20 و40 ألف ريال يمني وهي أجور لا تكفي لتغطية تكلفة المواصلات خصوصا في ظل تدهور الأوضاع الاقتصادية في البلد، يضيف فهمي الحناني
ثمة تحديات أخرى يواجهها المركز بحسب الحناني الذي يقول: ” عدم توفر مادة الديزل يشكل خطرا على أداء المركز وهو الأمر الذي دفعنا للتواصل مع فاعلي الخير لتوفير هذه المادة لتغطية الاحتياج من الطاقة الكهربائية بسبب توقف خدمة الكهرباء العمومية نتيجة للحرب “
يحتوي قسم الغسيل في هيئة مستشفى الثورة العام بمدينة تعز 22 جهازا للغسيل بينما يبلغ عدد المرضى المسجلين فيه نحو 240 مصاباً بالفشل الكلوي ويعمل المركز بدوام ثلاث ورديات بواقع 66 مريضاً في اليوم الواحد ما يعني حاجة المركز الى حوالي 200لتر من الديزل في كل 24ساعة، بحسب ما أفاد الحناني للمحررة.
تقديم الخدمة بالشكل المطلوب يتطلب توفير 40 جهازا إضافيا يقول الحناني مشيرا الى استجابة منظمة الصحاة العالمية ومركز الملك سلمان لنداءات المشفى ورفده ب 15 جهازا الكلوي لكنها ماتزال غير كافية لتأمين ما يحتاجه المرضى من ساعات الغسيل.
يحتاج المريض لإجراء الغسيل بواقع ثلاث مرات في الأسبوع على أقل تقدير لكن قلة الإمكانيات في المركز جعلته غير قادر على القيام بذلك بحسب قيادة المركز
ساهم المركز في توفير 15 سريرا للرجال و15 سريرا لمساعدة المرضى الفقراء على البقاء في المركز فترة أيام الغسيل لكن عدد المرضى الذين يجدون صعوبة في توفير أجور التنقل بين قراهم ومركز الغسيل مستمر في الازدياد بحسب مدير المركز.