fbpx

الدخان والزجاج.. تعابير الرسم للسلام 

صنعاء/ سحر علوان

في خضم الحرب على اليمن، برزت أعمال فنية تعكس روح الأمل والتجدد رغم الدمار والخوف. الفنانة سبأ محمد جلاس، من صنعاء، هي إحدى الأسماء التي أضأت عالم الفن في ظروف الحرب القاسية.

جلاس، التي تخرجت في قسم الأدب الفرنسي من كلية الآداب، لطالما كانت شغوفة بالرسم، لكن شغفها أصبح أكثر عمقاً خلال النزاع. في عام 2015، ابتكرت أسلوباً فريداً من نوعه، حيث استخدمت الدخان الناتج عن الغارات الجوية كوسيط لرسم لوحات تعبر عن السلام والتعايش. بهذا الأسلوب، حولت الدخان إلى تعبيرات فنية تنبض بالحياة والأمل وسط أجواء الحرب.

استمرت سبأ في تقديم أعمالها، التي تمتاز بإدماج تفاصيل يمنية أصيلة، مما أضفى عليها طابعاً مميزاً. ردود الفعل على أعمالها كانت إيجابية للغاية، حيث عبرت لوحاتها عن معاناة اليمنيين بواقعية وصدق، مما لاقى تقديراً واسعاً. عبرت سبأ لـ “هودج” عن مفاجأتها من ردود الفعل، قائلة إن الأثر الذي أحدثته أعمالها كان أكبر مما توقعت، مؤكدة أن الفن يمكن أن يكون بديلاً حيوياً للألم والخوف، ويمنح الأمل في أحلك الأوقات.

تفاصيل عريقة

توهجت ذائقة سبأ الفنية من مآسي وأوجاع الحرب ورسمت من خلالها التجمعات الآمنة للنساء أثناء المناسبات الاجتماعية، فهي بذلك تصف الطقوس الغائبة عن الكثير في زمن الحرب الذي فاقم من التباعد الاجتماعي وأثار الكراهية بين الناس. إلا أنها رأت في كل موقف عودة في داخلها للجمال والسلام استطاعت أن تعبر عنه من خلال رسمها كما تصف.

تقول سبأ لمنصة هودج: “هناك تفاصيل يمنية جميلة متوارثة لا يراها الناس، ولأننا في مجتمع محافظ. أردت إيصالها بطريقة مبتكرة من خلال الرسم، وأن أصف هذه التفاصيل بصورة تصل لمن يراها بكل بساطة ووضوح دون اللجوء لشرحها بالكلمات، وإنما يشعر الشخص بكل ما فيها من خلال النظر فيها.”

“هناك تفاصيل يمنية جميلة متوارثة لا يراها الناس، ولأننا في مجتمع محافظ. أردت إيصالها بطريقة مبتكرة من خلال الرسم، وأن أصف هذه التفاصيل بصورة تصل لمن يراها بكل بساطة ووضوح دون اللجوء لشرحها بالكلمات، وإنما يشعر الشخص بكل ما فيها من خلال النظر فيها.”

تعبّر جلاس عن فنها بأنه يسلط الضوء على الحضارة اليمنية، وأن الفنان اليمني يعيش في بيئة خصبة جداً لاستلهام الأفكار من مواقف مليئة بالشجاعة والكرم والتكافل الاجتماعي، خاصة في ظروف الحرب الصعبة. وتطرقت لأعمال متنوعة في الثقافة اليمنية من خلال تجسيد الملابس والرقصات الشعبية، والموروثات والآثار وقصص الحضارة اليمنية القديمة، وتصف ذلك بقولها: “علينا كيمنيين الاعتزاز بحضارتنا وأصالتنا، وأن لا نجعل الحرب والقبح يسيطران على المجتمع.”

الفنان اليمني يعيش في بيئة خصبة جداً لاستلهام الأفكار من مواقف مليئة بالشجاعة والكرم والتكافل الاجتماعي، خاصة في ظروف الحرب الصعبة.

مشاركات ومعارض

شاركت سبأ في معارض عديدة، منها معرض سفراء الفن التشكيلي في الكويت 2018، والمعرض التشكيلي الثاني لقافلة الفن التشكيلي اليمني في مصر 2019. كما أن لوحاتها حضرت في المعرض المتنقل في أمريكا 2019، وفي فعاليات نُظمت لوقف الحرب من قبل نشطاء يمنيين وعرب في فرنسا.

وأقامت معرضها الشخصي الأول “أوتار” في دار الأوبرا بجمهورية مصر العربية عام 2021، وعرضت فيه 90 عملاً متنوعًا.

الرسم بالزجاج

الفنانة التشكيلية رقية الواسعي هي الأخرى استطاعت أن تصنع من الزجاج المحطم من المنازل نتيجة القصف لوحات فنية، وتبعث فيه الحياة من جديد بتشكيله وتلوينه.

لدى رقية موهبة الرسم، إلا أنها اكتشفت شغفها بالرسم على الزجاج منذ 2014. وفي بداية الحرب، بينما كان الكثير من الناس يعانون من ويلات القصف والنزوح، كانت رقية تخرج وتبحث عن الزجاج المحطم من البيوت المهدمة وتحوله إلى لوحات فنية ترى من خلالها أملًا كبيرًا وتفاصيل حياة، حد وصفها.

قيم جمالية

يقول الفنان التشكيلي ردفان المحمدي لـ “هودج”: “ما تقوم به الفنانات والفنانين في مجابهة العنف من خلال الفن يعد أمرًا مهمًا ومطلوبًا في مجتمعاتنا.”معتبرًا أن الفن من الوسائل المهمة التي تبني القضايا الإنسانية والاجتماعية والسياسية وتعمل على خلق الكثير من التوازن النفسي في المجتمع. ويعزز قيمًا جمالية ويولد السكون والطمأنينة، مما يخلق مجتمعًا محبًا للحياة، رافضًا للعنف. ويأمل المحمدي أن يزداد عدد الفنانين والفنانات وأن تتحول الحياة لمسرح فني يضم المجتمعات بكل أطيافها.

تم نشر هذه المادة في منصة هودج

مقالات ذات صلة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *