المبادرات اليمنية في الخارج… ظروف المعاناة المشتركة
القاهرة/ محمد أمين
منذ اندلاع الحرب في اليمن قبل أكثر من خمس سنوات، بدأت المعاناة الإنسانية لليمنيين في مختلف المحافظات تكون واقعا جديدًا من المآسي وقصص الدمار والموت والفقدان والشتات والجوع والمرض والاعتقالات، واضطر الكثير من اليمنيين إلى مغادرة اليمن هربًا من الحرب وكانت جمهورية مصر العربية هي من أهم الدول التي استقبلت اليمنيين.
وفي مصر قامت هناك مبادرات إنسانية لشباب يمنيين هدفها التخفيف من معاناة المقيمين اليمنيين في الجوانب الإنسانية والاجتماعية والتعليمية والصحية، ومن وسط واقع المعاناة كان أصحاب هذه المبادرات يقومون بجهود تهدف إلى تقديم ما يمكن تقديمه للمتضررين من الحرب وعمل أنشطة تعزز وتسهم في إدماج الهاربين من الحرب من مختلف المحافظات اليمنية في المجتمع الجديد.
وفي جمهورية مصر العربية هناك حوالي مليون مقيم ويصل العدد إلى مليون ومائتين حسب الملحق الإعلامي في السفارة اليمنية بالقاهرة بليغ المخلافي في حديثه لـ”مشاقر ميديا”.
ساهمت المبادرات التي تأسست منذ عام 2015 في مصر في التخفيف عن معاناة اليمنيين الهاربين من جحيم الحرب، حيث تعد مصر من الدول العربية التي وفرت لليمنيين الكثير من التسهيلات المختلفة، يقول الدكتور عارف العزعزي رئيس مبادرة “اليمن السعيد” لـ” مشاقر ميديا”: في نهاية 2016 بدأ التفكير في إيجاد كيان يخدم اليمنيين ويقدم لهم خدمات تساعدهم في حل مشاكلهم في مصر، وتمثل ذلك حسب العزعزي في “مبادرة اليمن السعيد” وهي مبادرة تركزت أهدافها أولًا في تأهيل الشباب والنساء من اليمنيين الذين فروا من الحرب للإقامة في مصر.
هذه البرامج التأهيلية كما يؤكد العزعزي مكنت بعض الشباب من العمل والالتحاق بالدراسة في دول أوروبية، بعد أن تمكن الكثير منهم من تعلم اللغة الإنجليزية.
كما أن المبادرة لم يقتصر دورها فقط على تقديم الخدمات الإنسانية لليمنيين المقيمين حيث يقول العزعزي إن المبادرة كان لها أنشطة مهمة في العاصمة المصرية القاهرة في جانب إبراز والتعريف بالموروث الشعبي اليمني في مختلف المجالات، وجعل هذه الأنشطة نقطة التقاء لليمنيين من مختلف المناطق، في نشاط وتمثيل واحد لليمن من خلال تقديم الموروث اليمني من الأزياء والرقصات والمشغولات اليدوية المختلفة باعتبارها جامعًا مشتركًا لليمنيين يقدمون من خلالها اليمن بعيدًا عن الحرب والصراع.
ويضيف العزعزي أن المبادرة سوف يكون لها في القادم برامج توفر وظائف للشباب اليمني المقيم في القاهرة بالتعاون مع إحدى المنظمات لم يسمِها؛ من أجل توفير فرص عمل في بعض الشركات التجارية
أما مبادرة “مجتمع وجود” وهي مبادرة تأسست عام 2019م من مجموعة من الشباب والشابات في العاصمة المصرية القاهرة، ومن أهم ما قامت بها المبادرة حسب قبول العبسي رئيسة المبادرة: هو تقديم الدعم النفسي للمئات من المقيمين اليمنيين الهاربين من الحرب في اليمن وكذلك تمكينهم في الاندماج في المجتمع المضيف من خلال بناء قدراتهم؛ من خلال تأهيلهم في مجالات تعليمية وتقنية في مقدمتها اللغة الإنجليزية.
واستطاعت المبادرة كما تؤكد قبول العبسي تقديم ملفات 40 شابًا وشابة لإحدى المنظمات الدولية من أجل توفير فرص عمل لهم.
وتضيف العبسي أن المبادرة عملت بشكل خاص على تقديم الدعم للأطفال من ذوي الاحتياجات الخاصة بالإضافة إلى أن المبادرة قدمت خلال العام الماضي مساعدات مالية من فاعلي خير لأكثر من 200 أسرة يمنية من المقيمين في مصر وبناء قدرات 27 أسرة يمنية.
ولأن هناك أعدادًا كبيرة من المرضى من المقيمين اليمنيين كما تقول العبسي فقد كان للمبادرة نشاطات في المجال الصحي؛ تمثل ذلك في تقديم مساعدات مختلفة خاصة لمرضى السكر.
وأكدت العبسي أن المبادرة لديها برنامج سوف ينفذ في الشهر القادم لتأهيل وتمكين الشباب اليمني المقيم في مصر تم التوقيع عليه مع منظمة “Terre Des homme”.
وفي ما يتعلق بتأهيل النساء اليمنيات المقيمات في القاهرة تقول سمية نديم ناجي رئيسة مبادرة بلقيس: فقد قامت المبادرة بتأهيل ما يزيد عن 40 امرأة في مجالات الكوافير والخياطة والتصوير.
وتضيف سمية أن مبادرة بلقيس تهتم أيضًا بتقديم الدعم النفسي للنساء والأطفال من المقيمين القادمين من اليمن منذ أكثر من 4 سنوات.
ويتوزع المقيمون اليمنيون في مختلف المحافظات المصرية لكن الأكثرية تتركز في العاصمة القاهرة والإسكندرية.
وفي هذا الاتجاه يقول الكاتب الصحافي جمال الشعري وهو مقيم في القاهرة إن مصر تمثل الحضن الدافئ لليمنيين الهاربين من الحرب وتقدم لهم مختلف الخدمات والتي كان آخرها السماح بالتحاق الطلاب اليمنيين في المدارس الحكومية.
يضيف أن اليمنيين المقيمين ومن خلال مختلف الأنشطة الثقافية التي تقوم بها بعض المبادرات الشبابية والفعاليات الفنية والإبداعية الرسمية أذابت كافة التقسيمات التي أفرزتها الحرب بين اليمنيين من مختلف المحافظات.
ومايزال مئات اليمنيين يتدفقون إلى جمهورية مصر هربًا من الحرب والأوضاع الاقتصادية الصعبة في البلاد وبحثًا عن فرص العلاج في مستشفياتها، الأمر الذي يستدعي من تلك المبادرات مضاعفة الجهود والعمل بجد واجتهاد واستدعاء مزيدٍ من الدعم والإسناد من رجال الأعمال اليمنيين في مصر ومختلف دول العالم والمنظمات الإغاثية والإنسانية؛ في سبيل إنجاح المزيد من المشاريع الخدمية والطارئة.