المرأة التي رسمت خطوات نجاحها وتميزها في بئية صعبة
حضرموت / محمد صلاح :
بعد سنین طويلة من الترقب والانتظار استطاعت عدد من النساء بحضرموت شرق اليمن ومن خلال النجاح الذي سطرنه أن يوصلن رسالتهن التي مفادها أنھن قادرات على تحقيق ما یظنه البعض مستحیلًا وأن المرأة اليمنية التي حكمت لعقود من الزمن قادرة على العودة مجددًا إدارية وإعلامية وناشطة سياسية ومجتمعية.
عائشة الجعيدي واحدة من تلك النساء اللواتي يسعين لتحقيق أحلامهن حين تخطت حدود مدينتها المكلا عاصمة حضرموت بحثًا عن بوابة تدخلها إلى مساحات الإبداع والاكتشاف.. لم توقفها التقاليد السائدة وبعض عادات المجتمع التي لا تقبل مشاركة المرأة في الوظيفة فضلًا عن الإدارة وغيرها، بل بدأت رحلتها مع العلم والتفوق والإصرار حتى سطرت اسمها في إدارة عدد من المناشط المجتمعية المختلفة واختيارها لذلك بكل عناية تقديرًا ودعمًا لطموحها وإنجازاتها.
شاركت عائشة الجعيدي مع عدد من الناشطات في تأسيس العديد من المنتديات الشبابية والنسوية وإطلاق مجموعة من المبادرات في حضرموت في مجال السلام والإعلام وحقوق الإنسان وغيرها، وتعمل حاليًا عضو مجلس أمناء مؤسسة حضرموت تنمية بشرية وعضو المجلس الاستشاري الإقليمي للشباب واليافعين لدى منظمة اليونيسف الشرق الأوسط وشمال إفريقيا بالإضافة إلى أنشطتها الإعلامية من خلال قناتها على اليوتيوب التي تحاول أن تقدم فيها جانبًا من التعريف بعدد من الشخصيات اليمنية ذات الأثر الفني والثقافي بأسلوب تشويقي رائع.
طموح وتحدي
تؤمن عائشة أن المرأة الطموحة هي التي تؤثر ولا تتأثر وتقول في حديثها لـ” مشاقر “ (طموحي أن أكون شخصًا مؤثرًا، وأحقق تغييرًا مجتمعيًا في مجال حقوق الإنسان والتنمية، شغفي أن أظل أكتب وأبحث عن القضايا الإنسانية المهمة ولا أقصد بالإنسانية تلك القصص المأساوية فقط بل كل ما يؤثر في حياة الناس من ثقافات وفنون ، تقول عائشة.
من أبرز المهارات التي تعلمتها هي” تنظيم الوقت” حيث كان عليها إدارة نفسها وتوزيع وقتها بين أنشطتها المجتمعية والإعلامية ومهمتها كزوجة .
وفي ظل ما تعيشه اليوم تضيف عائشة أن من أبرز المهارات التي تعلمتها هي” تنظيم الوقت” حيث كان عليها إدارة نفسها وتوزيع وقتها بين أنشطتها المجتمعية والإعلامية ومهمتها كزوجة، ومع ذلك لم يفارقها طموحها أبدًا، ولم تتوقف عن التفكير في الوقت المناسب لإكمال دراستها، إلى أن حان الوقت وقررت تكمل حلمها ودراستها والتحقت مؤخرًا بالجامعة الأمريكية بالقاهرة.
وحول العقبات التي تتأثر بها المرأة تعبّر الجعيدي كما تقول : لكلٍ منا عراقيل شخصية في حياته، ولكن العوائق المجتمعية التي نتشاركها كفتيات من مجتمع منغلق يعاني من حالة حرب مستمرة لسنوات، تخطيتها بالإصرار وما زلت مصرة وأحارب لأصل إلى الحياة التي أريدها، وتضيف” لا أعتقد أنني بدأت تحقيق أهدافي بعد، ولكنني أحقق خطوات على الطريق المرسوم في الخطة “.
مسؤوليات أخرى
يتساءل البعض هل يمكن أن تكون المرأة ربّة منزل، وأمّ مميّزة، وفي نفس الوقت تكون امرأة ناجحة في وظيفتها، وهل باستطاعتها أن تثبت ذاتها في هذا المجتمع.
مرّت عائشة بتجارب عدة حيث الحياة بالنسبة لها خيارات ولكل شخص حرية اختيار نمط حياته، فهي ترى أن المرأة تستطيع أن تكون ذات دور مجتمعي من خلال تعليمها وعملها، وهذا لا يضر أي جانب آخر من علاقتها الأخرى سواء العملية أو الزوجية، إذ أن الحياة تكون قائمة على التفاهم والتوافق في الغايات والأهداف، والفتاة المتعلمة والعاملة هي إنسانة تقدر معنى الحياة وتحس بتحدياتها وهذا عامل يساهم في استقرار حياتها كليةً بما في ذلك الزواج.
تعمل عائشة بكل ما أوتيت من قوة لتكون مثالًا فريدًا للمرأة اليمنية المسؤولة، فإتقان مهامها العملية لا تقل شأنًا عن الإيفاء بمسؤولياته كزوجة وربة بيت، وهذه كما ترى نقطة قوة لا ضعف، ودافع إضافي للإرادة والإقدام على ذلك لا الخوف ولا التردد، ولا يتحقق ذلك دون مساندة ملموسة ودعم كامل من زوجها وأسرتها، وهو ما تحصل عليه حسب قولها.
نموذج فريد
مؤخرًا اختيرت عائشة ضمن أعضاء مجلس امناء مؤسسة حضرموت تنمية بشرية وهي واحدة من أكبر المؤسسات الداعمة للشباب والطلاب الجامعيين في محافظتها، وهو ما يراه الأستاذ طارق بلخشر المدير التنفيذي لمؤسسة حضرموت قرارًا صائبًا،.
وتابع حديثه لـ” مشاقر ” “حينما نتحدث عن عائشة فإننا أمام نموذج مشرف للمرأة اليمنية الحضرمية الطموحة والتي تعمل جاهدة لتكون مثالًا لكثير من النساء وعامل تشجيع لهن في التعليم والتطوير والدراسة والسفر والعودة لخدمة هذا البلد من أجل تحفيز الفتيات على التميز وخدمة المجتمع مع الحفاظ على القيم والثوابت”.
وبوصف معجبا بما تقدمه يضيف بلخشر: “عائشة رسمت خطواتها نحو النجاح والتميز في بيئة صعبة متجاوزة عددًا من التحديات والصعوبات، ونفتخر نحن في مؤسسة حضرموت أن تكون ضمن أعضاء مجلس الأمناء؛ لما ستعنيه من إضافة لنا لتحقيق الأهداف المرسومة للمؤسسة في التنوع بالمستهدفين، وتطوير القدرات وتبني تأهيل الكفاءات لاكتساب المعارف والخبرات والمهارات الفنية بما يؤدي إلى الإنتاج والعطاء والإبداع بوصفه محورًا للتنمية الشاملة، وغايتها الأولى وإيماننا أن لا طريق لانتشال حضرموت إلا بتنمية بشرية شاملة من كلا الجنسين، هدفها الإنسان بشكل عام، والنابغون والمبدعون والجادون والمجتهدون بشكل خاص، وعائشة تجمع بين كل هؤلاء”.
تبقى عائشة الجعيدي، الفتاة الحضرمية التي اختارت أن تكون في منزلة تمثل فيها فتيات محافظتها واليمن بشكل عام، بعيدًا عن التقاليد السائدة والعادات المقيدة، لتثبت أن المرأة اليمنية تتمتع بقدرات تجعل منها رقمًا صعبًا لا يمكن تهميشه أو تجاوزه مهما كانت الأعذار التي يحاول البعض تصديرها بهذا الخصوص، والشواهد لا تخفى على أحد.