fbpx

امرأة تصنع السلام في زمن الحرب

تعز / وهب العواضي :

لم تقف المرأة اليمنية مكتوفة الأيدي خلال سنوات الحرب، بل كان لها حضور بارز ودور كبير
في التخفيف من معاناة المجتمع، متمردةً عن كل العادات والتقاليد المجتمعية محدودية الفكر، التي ترسم دور المرأة وعملها وطريقة عيشها وطبيعة حياتها، إذ عملت في المجال الحقوقي والإنساني، كالناشطة شيناز الأكحلي التي سننقل قصتها هنا كنموذج لنجاح المرأة في زمن الحرب.

شيناز محامية وناشطة حقوقية من أبناء مدينة تعز (جنوب غرب اليمن) عملت في المجال الحقوقي والإنساني وكان لها دور إيجابي في تنوير وتنمية المجتمع والعمل على تكريس ثقافة الحوار وصناعة السلام من خلال عملها في منظمات المجتمع المدني وتأسيسها ومشاركتها في العديد من المبادرات منها، مبادرة “نساء تعز من أجل الحياة” التي تعتبر عضو في فريقها، وأيضًا عضو مؤسس في “شبكة وسيطة تعز” وحاليًا تعمل كمنسق مجتمعي في منظمة “نودس يمن”.


شيناز تقود مبادرة لحل خلاف دام 33سنة في مديرية صبر المودام في تعز

صانعة السلام


عملت شيناز على فض نزاعات مجتمعية وقضايا شائكة لإحلال السلام، إذ شكلت فريق من الشابات والشباب ضمن مشروع مجتمعات تصنع السلام التي تتبناه منظمة “نودس يمن” في العام الماضي، وقامت من خلاله بحل خلاف دام لـ33 سنة بين أهالي ثلاث قرى في مديرية صبر الموادم بريف تعز “العدوف والشعب وعميقة” كانت مختلفة بشأن تقاسم مياه مشروع “السوري” تقول شيناز في حديثها لـ”مشاقر””شاركتُ بصفة رسمية وغير رسمية في القضية وعقدتُ لقاءات مع أعيان ومشايخ تلك القرى وأجريتُ بمساعدة الفريق مفاوضات بين الأطراف المختلفة كلاً على حده، وتوصلنا إلى اتفاق وقعت عليه جميع الأطراف يقضي بتقسيم المياه بشكل متساوي
وعادل بينهم، وأصبح الماء حاليًا متاحًا للجميع”.


لم تتوقف شيناز عند ذلك فحسب، بل كانت ضمن فريق مبادرة “نساء تعز من أجل الحياة” التي تضم مجموعة من النسوة قررن من خلالها اجراء مفاوضات بين طرفي النزاع لفتح الطرقات والمنافذ لمدينة تعز التي تعيش حصارًا جراء إغلاق منافذها الرئيسية باستثناء المنفذ الغربي، لإنهاء معاناة المواطنين.

تتابع شيناز: “نجحت المبادرة في إجراء مفاوضات بين الأطراف وأوصلت ملف حصار تعز إلى اتفاق “استوكهولم” الذي عقد في السويد عام 2018 من خلال تواصل الفريق مع المبعوث الأممي لليمن “مارتن غريفيث”.

شيناز تتوسط مجموعة من الشباب في مدينة تعز ضمن انشطتها المجتمعية

النجاح يولد الثقة


الدور الذي قامت به شيناز في المجتمع ونجاحها في حل الخلافات فيه وإسهاماتها في توعيته، وقدرتها على مفاوضة الأطراف المتنازعة؛ كل ذلك ولد لديها الثقة في النفس أكثر من أي وقت مضى وأدركت القدرات والمهارات والكمال التي تمتلكها كامرأة والدور الإيجابي الذي تقوم به في المجتمع.



تقول: ” أشعر بالثقة والفخر والاعتزاز لأنني حققت برفقة زميلاتي نجاحًا وفائدة كبيرة للمجتمع وصنعنا السلام في أوساطه”.
وفي هذا الصدد، ترى الناشطة العاملة في المجال الإنساني، مها عون، أن الدور الإيجابي الذي تلعبه شيناز في المجتمع عظيم ويعتبر ماتقوم به نقلة نوعية للمرأة اليمنية كونها صانعة سلام، وحضورها في المجتمع وإثبات نفسها على كافة المستويات.

وتشرح في حديثها لـ”مشاقر”، حول تعرفها فقد عرفت شيناز كناشطة حقوقية تولي القضايا المجتمعية أهمية كبيرة وعملت في حل العديد من القضايا في ظل الحرب، وبالنسبة لها تعتبر العمل الأبرز لشيناز هو أنها سعت من خلال المبادرة لفتح الطرقات والمنافذ في مدينة تعز.


برزت الكثير من النساء الناشطات في المجال الحقوقي والإنساني بفترة الحرب سواءً من خلال العمل في منظمات المجتمع المدني أو المبادرات الذاتية، وكان لهن مشاركة فعالة ودور إيجابي في المجتمع، وبطبيعة الحال المرأة اليمنية امرأة فاعلة ولها قدرات تستطيع من خلالها المساهمة في بناء المجتمع وتقديم الخدمات له، كما يقول أستاذ علم الاجتماع بجامعة تعز، د/ياسر الصلوي. ويعتقد الدكتور الصلوي أن ذلك ما ينبغي على المجتمع أن يدركه لمدى أهمية الدور الذي تلعبه المرأة اليوم.

أكثر استشعارًا للمسؤولية


في الفترة الأخيرة شكل حضور المرأة ودورها أهمية كبيرة في المجتمع، وحملت على عاتقها كافة المسؤوليات المُناطة بالرجل وسدت الفجوة التي أحدثها جراء انشغاله بالصراع الدائر في البلاد، سواء كان هذا الدور في المنزل أو خارجه، تقول شيناز “عملت المرأة كربة بيت ومعلمة ومعيلة للأسرة، وتطوعت في الكثير من المجالات، ولم تتوقف هنا فحسب بل سعت لصناعة السلام ونشدته ومازالت تنشده”.

ومؤخرًا لاحظنا في بيانات وإحاطات المبعوث الأممي مارتن غريفيث للأمين العام للأمم المتحدة، دعوات ونداءات متكررة لإشراك المرأة في مفاوضات السلام؛ لأنها بنظره تنشد السلام على الأكثر، وأن إشراكهن بشكل خاص في عملية السلام سيحدد مستقبل مشاركتهن خلال المرحلة الانتقالية.


المرأة اليمنية في الوقت الحالي والظروف المختلفة التي تعيشها، تحتاج لدعم ومساندة من قبل المجتمع، وفي هذا الخصوص تقول شيناز أنه يجب على المجتمع أن يدرك بأن المرأة تشكل النصف منه، بل وأكثر من ذلك، ويتفق معها الدكتور الصِلوي بضرورة مساندة المجتمع للمرأة ووقوفه بجانبها وتشجيعه لها لكي يشهد الكثير من الإنجازات والأدوار الفاعلة التي ستعمل على
تحقيقها.


ويعتقد الصِلوي أن النساء هُنَّ الأكثر استشعارًا وإدراكًا باحتياجات المجتمع بنسبةٍ تفوق الرجال،لاسيما بفترات الحروب والأزمات، وفي الغالب تستطيع المرأة أن تتطرق لكثير من الجوانب الحساسة والمهمة في المجتمع التي قد لا تلفت انتباه المجتمع الذكوري، وبالتالي هي مؤهلة بشكل كبير للخوض في تلك الجوانب.


الدور الإيجابي الذي لعبته المرأة والنجاحات التي حققتها، تعتبر إنجازات كبيرة خصوصًا أنهاتعيش وضعًا مختلفًا في ظل استمرار الحرب، إذ تشير الأرقام إلى أن المرأة اليمنية تعرضت لانتهاكات جسيمة ومختلفة من قبل أطراف الصراع، ومنذ اندلاع الحرب بمطلع 2015 وحتى نهاية العام الماضي، تعرضت أكثر من 1300 امرأة للانتهاكات بينها 528 حادثة قتل و805
إصابة، وفق بيان حديث


مقالات ذات صلة