fbpx

امرأه ومسؤولية أسرة

حجة -عبدالجليل اليوسي

كعادتها تعجن المكونات في طاسة متوسطة وهي تحملق مراقبة لطفليها وتنهرهم بان لا يخرجوا إلى الشارع فليس لديها ما يكفي من الصبر لخلق مشاكل أخرى بينها وبين والدهم. تلك هي ياسمين عبدالله محسن ذات ال 28 عامًا، والأم لولدين من ابوهم الذي كان موظفًا وفقد راتبه نتيجة الحرب والصراع في اليمن منذ أكثر من5 سنوات.
تعد الكميات من البسكويت، والمعجنات والمخللات إلى جانب “الترت” وتضعهن في زاوية من الغرفة إلى أن يمر لهن صاحب الطلب وتخرج هي وأولادها للشارع وتعطيه الكمية ويناولها مبلغا من المال اتفقا عليه حينما تواصل بها.
زوجها بعد أن فقد راتبه ظل في المنزل وهي كدح من هنا وهناك على اسرتها، ولكنه لكثرة الضغوطات عليه وعدم وجود مصادر دخل أصبح يغضب لأتفه الأسباب ويضرب زوجته واولاده ويعنفهم، فضغوطات الحياة ومتطلبات الأسرة والديون لم تبق له من بال مريح كما اعتادوا عليه فيما مضى، فاختفت لمحات وتقاسيم الفرح والسعادة وذبلت شيئا فشيئا.

زادت حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي بفترة جائحة كوفيد-19 فبقاء رب الأسرة بالبيت وانقطاع المرتبات ومصادر الدخل ادى إلى ضغوطات وعصبيات من الآباء تجاه زوجاتهم واولادهم مما نتج عنه العنف اللفظي والجسدي

تطورت حالته من فترة وأصبح منزويا داخل البيت لا يدخل ولا يخرج الا في الندرة، ولم تجد أسرته ما تأكله فاستشعرت ياسمين الوضع وشمرت عن ساعديها لتبحث عن امل بعمل كمصدر رزق لها ولأولادها كون زوجها أصبح في حالة صعبة.
تدربت بدورة لصنع الحلويات والبسكويت و”الترت”، ونجحت وتميزت في ذلك واصبحت ذات سمعة بين النساء وتناقلت الحارة والمدينة الحديث عن مهاراتها وخبرتها في ذلك وأصبحوا يطلبون منها أن تصنع لهم في المناسبات والأفراح.
تقول ياسمين: “في البداية عانيت كثيرا كوني كنت غير معتادة على الوضع، ولكن أسرتي بحاجة لعملي تفانيت في العمل وابدعت كون هذا العمل هو من سيوفر لأسرتي مصدرا للعيش، وطبعت لي كروت اوزعها على النساء في المناسبات والموالد وألصقها على منتجاتي كدعاية لكي اسوق لنفسي كما يجب “.
مرت لحظات عصيبة عليهم ولكنها وبرغم جائحة كوفيد-19, نسقت مع الماركات والبقالات الكبيرة في مدينة حجة بحيث تصنع المنتجات ويبيعونها لها وتعطيهم من الربح، كاستراتيجية للتسويق عن بعد وبأقل جهد، كي لا تختلط هي واطفالها بأحد.
عبدالعزيز زهره – اخصائي نفسي يقول: “ان المرأة المعنفة تحتاج في البداية لإسعاف نفسي اولي، ودمج في المجتمع (المساحات)، واحالة طبية أو علاجية، ومن ثم التمكين الاقتصادي”.
جميلة الشرفي – اخصائية اجتماعية تقول: “زادت حالات العنف القائم على النوع الاجتماعي بفترة جائحة كوفيد-19 فبقاء رب الأسرة بالبيت وانقطاع المرتبات ومصادر الدخل ادى إلى ضغوطات وعصبيات من الآباء تجاه زوجاتهم واولادهم مما نتج عنه العنف اللفظي والجسدي، وزادت حالات العنف الجسدي بالذات بوتيرة عالية اذ رصدنا 100 حالة في 2020، وهو معدل عال جدا مقارنة بالأوضاع في السنين الماضية”. 
اما احصائية اتحاد نساء اليمن فرع حجة لعام 2020 فكانت كالتالي “70 حالة دعم قانوني, 207 حالة دعم نفسي، و2963 حالة العلاجات الصحية “.
تقول ياسمين “الحمد لله اليوم حالة اسرتي تحسنت كثيرا، واصبحت إلى جانب ما اصنعه بحسب الطلب مدربة فدربت مع اتحاد نساء اليمن، ومع مركز الأسر المنتجة وتنمية المجتمع، العمل رائع وتحمل المسئولية في الأسرة جزء لا يتجزأ من حياة الزوجة ومشاركتها اسرتها ذلك”.
بينما تشير إحصائيات الأمم المتحدة ان حوالي 243 مليون امرأة وفتاة (تتراوح اعمارهم بين 15 و49 عاما) حول العالم تعرضن للعنف الجنسي أو الجسدي من قبل شركائهم أو أزواجهم خلال الاثني عشر شهرا الماضية، بحسب ما نشر على صفحة الأمم المتحدة على الإنترنت.
تم إنتاج هذه المادة كإحدى مخرجات برنامج ” الكتابة الصحفية الجيدة لقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في ظل جائحة كوفيد19″ الذي ينفذه مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA

مقالات ذات صلة