في زمن الحرب.. هل تلم الفعاليات الثقافية شمل اليمنيين؟
سعيدة عبدالغني
“كانت المهرجانات، الثقافية والفنية هي متنفس لبث كل ما يتعلق بالمجتمع اليمني وثقافاته وعاداته وتقاليده وتراثه الزاخر بشكل عام، وهي القوة الناعمة التي تجمع كثير من الاطراف في مكان واحد ،حيث أن هذه الفعاليات لا تعكس الجوانب العنصرية بل تلم شمل اليمنيين ” تقول شروق الرمادي الناشطة الثقافية في حضرموت كبرى المحافظات اليمنية .
لم الشمل
تضيف : اذا كان هناك شيء يلم شمل اليمنيين فهي الذاكرة التي تعبر عن شيء اسمه الوطن كمهرجان ٢٢مايو الذي كان يعكس ثقافة المجتمع اليمني بشكل عام عبر عروض فنية واوبريتات”. وأكدت الرمادي: في حديها لـ” مشاقر ” بأن الثقافة والفنون لها اثر أساسي وواضح في السلام المجتمعي كونها تعطي مساحات للآخرين كالمناقشات والمناظرات والعروض الفنية وغيرها “. عاش اليمنيون عدة صراعات محلية زادت من انتشار خطابات الكراهية والعنصرية مما احدث تصدع كبير بالنسيج المجتمعي حيث انهكت الروح اليمنية وتمكنت منها ،وادى استمرارية ذلك الى تجاهل للجانب الثقافي الفني وغياب المهرجانات والفعاليات بعدة محافظات وتمركز الاهتمام بالنزاعات وتأجيج الصراع وتبعاتها.
الثقافة في زمن الحرب
في زمن الحرب التي تشهدها البلاد للعام السابع على التوالي، فقد اليمنيون لغة المحبة والسلام والتعايش السلمي حيث وان طبيعة الانسان اليمني من شماله الى جنوبه جزء لا يتجزأ، وهي تواقة للسلام والتعايش السلمي وأن المكون الثقافي واحد .
وفي السياق ذاته يذكر الاستاذ ماهر بن عوض مدير مكتب ثقافة حضرموت المهرجانات التي نظمها المكتب في 2020 معبرا ان حضرموت احتضنت ما يعرف بأسم مهرجان المسرح الوطني الذي ضم فرق مسرحية من كل المحافظات من عدن وتعز ولحج لمدة اسبوع كامل خاضت فيه الفرق مضمار المنافسة.
واضاف: انهم ومن خلال هذه الفعاليات يكرسون السلام المجتمعي والتعايش السلمي حيث وان السلام منبعه الثقافة.
وبالحديث عن آخر انشطة المكتب اوجز بن عوض حديثه لـ “مشاقر” بالقول: أقمنا مهرجان البلدة الذي استمر من 15/يوليو المنصرم الى آخره حيث تضمن المهرجان فعاليات متعددة ومتنوعة. وزاد: نحن دائماً ما نقوم بإحياء المناسبات الوطنية واعياد الثورة المجيدة في كل عام ضمن حفل ختامي يتضمن تكريم مبدعي المحافظة، داعياً إلى الالتفاف للسلام المجتمعي الذي منبعه الثقافة.
حضور واسع للمهرجانات
ومع استمرارية النزاعات بشتى اشكالها وصل الناس الى مرحلة يبحثون فيها عن متنفسات لهم للخروج من دائرة العنف فنجد الاعداد الكبيرة التي حضرت مهرجان قلعة القاهرة الفني والذي نظمه مكتب ثقافة تعز.
إلى ذلك عبرت وداد البدوي رئيس المركز عن ذلك قائلةً “الثقافة والفن هي البديل للحرب والبديلة لخطاب الكراهية بكافة اشكالها التي حاولت ان تكون هي نقطة السلام التي يلتم حولها اليمنيين، لاحظنا ذلك في مهرجان القاهرة كيف ترك الناس اسلحتهم وانطلقوا لحضور تلك الفعاليات متوحدين مهتمين بها وكان بذلك اتفاق على مضمون واحد وهوية واحده “.
واشارت البدوي الى ان الناس متعطشين للسلام بصوره الفنية والثقافية وانه مطلبهم ،وان اليمنيين بطبيعتهم من اهم المتذوقين الاساسيين في الجانب الفني والثقافي ،ونحن ندرك ان عملية بناء السلام في اليمن لن تكون كاملة وحقيقية الا اذا كان هناك اهتمام رسمي وشعبي فيما يتعلق بالجانب الثقافي وهي حق من الحقوق التي تكفلها المواثيق الدولية”.
“عندما تفرق الحرب يجمع الفن ليس هناك اقوى من مواجهة الرصاص والعنف اكثر من الفن الراقي الإنساني الفن يهذب النفس ويهدأ روعها .. ويخفف آلامها الفن الجامع كالمهرجانات والفعاليات والمعارض هذه الامور لها القدرة على اذابة كل الحواجز التي راكمتها الحرب لأن الفن رسالة سلام يخاطب الوجدان ويلعب على اللا شعور الفعاليات تعطيك فرصة لتنويع المشاركين بتنوع توجهاتهم تعطيعهم فرصة الإلتقاء والمشاركة الجماعية وربما النقاشات البعيدة عن لغة العنف يعطي فرصة للشباب للمشاركة وصرفهم عن مواضيع القتال فالفراغ قد يجرهم الى مربع العنف والاستقطاب من قبل اطراف الصراع فتسمح الفعاليات للمشاركين بتفريغ طاقاتهم بشكل ايجابي وفعال”، هذا ما يقوله عن المهرجانات والفعاليات الثقافية والفنية، رسام الكاريكاتير رشاد السامعي.
احتفاء يمني
في يوليو الماضي احتفى اليمنيون بيوم الاغنية اليمنية وتعتبر الفعالية هي الاولى من نوعها حيث انها احتفت بالأغاني اليمنية التي لها تاريخ عريق وارتبطت بالحياة اليمنية وبكل جوانبها وحملت هذه الاغاني معاني الحب والسلام والتعايش الذي تأصلت بالجذور اليمانية وقد لقت هذه الفعالية احتفاء كبير في مواقع التواصل الاجتماعي واظهرت مدى تمسك المجتمع بموروثاته الغنائية وضرورة الحفاظ عليها واجلال رموزها.
يقول محمد سالم الاحمدي مدير مكتب ثقافة شبوة لـ “مشاقر” ” المهرجانات الثقافية والتراثية بمختلف الوانها واشكالها هي وسيلة ناجحة ومميزة للم شمل المجتمع وتطبيب جراحه المثخنة مفاصله بها نتيجة الازمات الطاحنة التي مر ويمر بها وكذلك الحروب العبثية التي تركت اثارها السلبية على المجتمع ودمرت بشكل مؤلم النسيج الاجتماعي لهذا المجتمع
” من هنا يأتي دور مثل هذه الأنشطة الثقافية والادبية لترميم كل يمر به المجتمع بل انها تبرز بقوة الحاجة الماسة لمثل هذه المهرجانات لمعالجة الاثار السلبية للحروب والازمات السياسية والاقتصادية ومحاربة ما تركته تلك المأسي من كراهية وحقد وعنصرية بين شرائح المجتمع المختلفة وكذلك اعادة تطبيع الحياة اليومية للمجتمع” وفقاً الأحمدي.
تطبيع للحياة
يتابع: “نحن في مكتب ثقافة شبوة قدمنا في هذا السياق الكثير من المهرجانات والانشطة والفعاليات التي تهدف لترميم المجتمع الشبواني واعادة تطبيع حياة المواطن في شبوة ومعالجة الكثير من المشاكل والافرازات السيئة للحرب التي ممررت بها المحافظة ومن تلك الفعاليات مهرجانات التراث والفنون الاول والثاني والثالث وكذلك المسابقات الفنية والثقافية مثل منشد شبوة وشاعر شبوة في موسمه الاول وكذلك الثاني الذي انتهينا من اقامتها قبل ايام معدودة اضافة الى الكثير من الانشطة والفعاليات الثقافية والادبية والفنية التي لا يتسع المقام هنا لذكرها، كما ان لدى المكتب ضمن خططه وبرامجه الكثير من تلك الانشطة التي سيقدمها خلال المستقبل القريب بإذن الله”.
تبقى ارواح اليمنيين تواقة للسلام محبة له ونلاحظ في الفترة الاخيرة زيادة الوعي بذلك ووجود العديد من المبادرات التي تهتم بإقامة المهرجانات والفعاليات الثقافية التي تظهر التماسك والتعايش المجتمعي وإحياء الموروثات اليمنية التي لطالما حملت السلام والتعايش .
هل تلم الثقافة والفنون شمل المجتمع اليمني في زمن الحرب، الذي تمزق البلاد شمالاً وجنوباً منذ 6 أعوام، ويعيش أسوأ أزمة إنسانية في العالم بحسب الامم المتحدة.