كورونا و الحرب نفسية في مواجهة المرأه
عدن / رقية دنانه
تواجه النساء في حياتهن اليومية العديد من أنواع العنف الأسري والمجتمعي في المنزل والعمل، ومَثَّل ظهور وباء كورونا إضافة اخرى للعنف الذي يتعرضن له، حيث أشار تقرير لمنظمة الصحة العالمية عنوانه (كوفيد١٩- والعنف ضد المرأة في إقليم *الشرق الأوسط {أو شرق المتوسط. تأكدي من عنوان التقرير}* ) أن الإقليم يأتي في المرتبة الثانية على مستوى العالم من حيث إنتشار العنف ضد المرأه (٣٧%) أثناء الجائحة، حيث سَجَّلَ التقرير زيادة في حالات العنف بنسبة 50% إلى 60% إستناداً إلى مكالمات الإستغاثة التي تجريها النساء عبر الخطوط الساخنة لرصد انتهاكات حقوق المرأة.
*فيروس وغصة في القلب*
ظروف الوباء خلقت مصاعب نفسية وجسدية للعديد من النساء المضطرات للذهاب إلى مراكز عملهن، أبرزها الخشية من نقل الفيروس إلى أطفالهن، إضافة إلى ما يواجهنه من مشقة العمل وسوء المعاملة من قبل مجتمع ذكوري يواصل فرض قوته عليهن في كل مناسبة، إلى جانب معاناتهن النفسية بسبب الضغط الذي يتعرضن له من قبل بعض الأزواج. وفي هذا تقول السيدة أمل مجاهد: “كنت أذهب إلى الدوام من الساعة الثامنة صباحا حتى السابعة مساء، ولا أعود للبيت خلال فترة الظهيرة بسبب بعد مكان العمل عن المنزل، فبسبب الحظر أيام الجائحة اضطررت للمكوث في المكتب حتى بدء دوام الفترة المسائية، وحين أعود للمنزل أجد زوجي بانتظاري غاضبا ويستقبلني بالعديد من الكلمات الجارحة، كما أنه يرى في خروجي للعمل خطرا على صحته كوني قد أتسبب بنقل العدوى إليه، وهذا الوضع خلق داخلي الكثير من القلق والحزن أيضا”
عن تأثير جائحة كورونا على المرأة اليمنية، كتبت الناشطه المجتمعية مها عون في صحيفة صوت الامل: “أن المرأة اليمينة أثبتت جدارتها في مواجهة جائحة كورونا منذ الموجة الأولى، من خلال مشاركتها في عديد من المبادرات التوعوية المختلفة… وعند اجتياح وباء كورونا العالم، وجدت المرأة نفسها أمام عائق وتحدي كبير… أذ تسببت الجائحة بتسريح عدد من النساء من أعمالهن وأصبحن يبحثن عن فرص بديلة للعمل في المنزل، أو العمل عبر الانترنت، ووجدت المرأة نفسها أمام حمل ثقيل بسبب قلة العائد المادي”
وبالنظر لحقيقة أن النساء هن أكثر فئات المجتمع ضعفا، فقد كانت النتيجة أنهن صرن الفئة الأشد تضررا نفسيا وجسديا، من إجراءات الحجر الصحي الذي تم فرضه من قبل الحكومة للوقاية من انتشار وباء كورونا في عدن.
*مع ازدياد القيود تكبر المسؤولية*
وجدت المرأة نفسها تتجشم أعباء إضافية إلى جانب أسرتها وعملها، فقد ألقيت على عاتقها العديد من المهام وتضخمت مسؤوليتها، وهو ما شكل ضغطا كبيرا عليها خلال فترة انتشار الوباء.
تقول الناشطة الحقوقية مارينا كمال: “إن ما تتعرض له النساء من عنف واضطهاد بشكل عام قد تضاعف وتفاقم يوما بعد يوم بسبب وباء كورونا وظروف الحجر الصحي. أولا من حيث أن القيود المفروضة على التنقل والتجمعات، قد انعكست علي حياة المرأة بعرقلة أعمالها ومختلف أنشطة حياتها، أضافة إلى الأعباء المادية الناجمة عن فقدان كثير من العاملات لمصادر رزقهن خصوصا في المهن المعتمدة على الأجر اليومي أو ما يشابه ذلك. أيضا هناك الصعوبات الحياتية مثل عدم القدرة على نقل أو إسعاف الأهل أو الأبناء المرضى وخصوصا عند غياب رب الأسرة أو عدم وجوده أصلا.”
تضيف مارينا كمال: “هناك أيضا الصعوبات المعيشية التي واجهتها النساء القائمات بمسؤلية رب الأسرة، كتغطية نفقات المنزل أو الحصول على العلاج أو إدخال المرضى من أفراد العائلة للمشفى أو مركز الرعاية الصحية، كما حدث خلال شهر رمضان الماضي عند ارتفاع نسبة تفشي الأمراض ومعدل الوفيات الغير مسبوقة بسبب كورونا أو غيره من الأوبئة، فكل تلك الوقائع وما رافقها من ضغوط قد أنتجت أنواعا من العنف والاضطهاد النفسي والمادي والمعنوي ضد النساء، مما خلق أوجه معاناة تتضاعف في حال وفاة أحد أفراد العائلة. ففي هذه الحالة يصير من المستحيل السماح لأهله وذويه برؤيته أو توديعه للمرة الأخيرة. كما أن النساء لا يجدن من يواسيهن بعدها نتيجة الحجر وقيود التباعد الاجتماعي، إذ أن الالتزام بالوقاية واجب لكنه يدفع النساء لتجرع ألم الفراق وحيدات في إطار وحشة موجعة.
أيضا ومن ناحية ثانية، شهدت فترة الوباء تزايد حالات الانتهاك والعنف والاضطهاد الموجه للنساء، ولأنهن قليلات الحيلة في ظل مجتمع ذكوري لا يترك لهن مجالا للتصرف بشكل عام، في مثل تلك الظروف صارت النساء قليلات الحيلة بلا مال، ولا حركة، ولا تعامل مع الآخر كونها إمرأة وكل الضغوط والاعباء تصب عليها هي بالدرجة الأكبر والأصعب والأعنف دائما”.
*زواج قسري*
وفقا لتقرير ” مفوضية الأمم المتحدة السامية لشؤون الاجئين ” الصادر في نوفمبر ٢٠٢٠م؛ فإن “القلق إزاء زيادة مخاطر اللجوء إلى زواج الأطفال والزواج القسري كاستراتيجية للتكيف مع الوضع من قبل العائلات المهجرة والتي تنهار تحت الضغوط الاجتماعية والاقتصادية، فإن هناك العديد من البلدان التي تعاني من الصراعات أو النزوح لديها بعض أعلى معدلات هذه الحوادث في العالم.
“(فاطمه عبد السلام) إحدى النساء التي تم تزويجها قسرا، تقول: “حاولت رفض الزواج الذي قرره أهلي، وذلك لأني أريد استكمال دراستي.. لكنهم قرروا إيقافي عن الدراسة. وحينها كنا خلال فترة الحظر وكما تم تعطيل الدراسة فقد تم أيضا منع طقوس حفلات الزفاف لتجنب التجمعات. ولهذا جرى الزفاف بسرعة عجيبة بغياب معظم الأقارب عني، فجأة وجدت نفسي متزوجة دون أي فرصة للخلاص أو حتى للاستعداد نفسيا أو ذهنيا، بحيث لم أشعر أنني مؤهلة لتحمل مسؤولية أسرة ومنزل…”
نشر هذا التقرير بدعم من صحفيون من اجل حقوق الانسان و الشؤون العالمية في كندا JHR/JDH