الفنان جمٌن.. وملامح صنعاء القديمة المشبعة بالضوء
صنعاء/ سحر علوان
رسمة غاية في الإتقان والإبداع لمدينة صعاء القديمة حظيت خلال الأيام الماضية بالإعجاب والإندهاش في مواقع التواصل الاجتماعي.
ملامح مدينة في لوحة تشكيليلة أظهرت روعة صنعاء القديمة بإتقان مبانيها التراثية بطريقة مشبعة بالضوء مضللة بالغيم من يشاهدها للمرة الأولى لا يتبادر له انها رسمه!
ملامح المدينة التي قادتنا لمعرفة من قام بهذا العمل الذي أسر كل من ينظر إليه فكانت ملكية الإبداع تعود للفنان التشكيلي عدنان جمٌن.
فمن هو الفنان التشكيلي عدنان جمن وماهي قصة لوحة ” ملامح مدينة قديمة ؟
يقول جمٌن واصفا لوحته..
للمرة الأولى أغامر برسم مدينة كاملة بمقاس عملاق لم أتجرأ على رسمه من قبل!
لكن إغراء المدينة القديمة و تفاصيل الأزقة و البيوت الطينية التي يوشك معظمها على الاندثار حرّكت في قلبي الكثير من المشاعر الجارفة و الشجون..!
رحت أتأمل مطولاً في الصورة الفوتوغرافية المبهرة للفنان الشاب المبدع (علي السنيدار) ابن المدينة القديمة التي خلّد فيها اللحظة بعدسة واسعة ، بمزيد من الدهشة و الحب لكل تلك التفاصيل الآسرة للروح المترامية في أرجاء اللوحة، سرعان ما تتنبه أنها ليست مجرد مدينة غارقة في القدم و الجمال فحسب، ليست مجرد أبنية فقط .. بل بشراً يسكنونها و يمارسون معها طقوس العشق و الانتماء و البقاء!
ثلاثة أشهر من عمري الستيني و أنا أعيش حالةً غير مسبوقة من التصوف لم أعهدها، عشتها مع روح كل بيت في أدق تفاصيله و كان جلّ خوفي و قلقي أن يسقط بيتاً آخر من هذه البيوت الحبيبة التي رسمتها في هذه اللوحة بعد أن تُركت دون ترميم و عناية تذكران، لاسيما أن الأمطار الأخيرة أدت إلى انهيار بعضها!
و ماذا عن تلك السماء التي لا تقل ألوانها إبهاراً و جمالاً في الصورة الأصلية عن تلك البيوت الخالدة و التي تحتل ثلث اللوحة، واهبةً المدينة جلّ لونها الذهبي الساحر لتكتمل سيمفونية الأرض و السماء؟!
فنان تشكيلي بالمقام الأول، عدنان جمٌن، ولد ونشأ في مدينة عدن، اسم ذاع صيته بالموهبة في رسم التفاصيل الآسره لملامح الأشخاص والمدن اليمنية العتيقة.
يضع جمٌن نفسه في حالة إبداع مستمر ولديه المئات من اللوحات المرسومة بتفاصيل جذابة و مبهره لمتابعيه وتلاميذه.
جمٌن الذي نشأ على الإبداع الفني منذ نعومة أظافره فقد كانت المحطات الدراسية الأولى في مسيرته الفنية هي من أكسبته الانطلاقة من خلال المعارض الفنية المدرسية، والمشاركات المبكرة في معارض محلية و دولية.
تعلم جمٌن على أيدي فنانين روس في عدن بداية الثمانينات وبدروهم شكلوا بداية الوعي التشكيلي وصقلوا موهبة الرسم لدى جمٌن الذي يكن لهم الجميل حتى الآن بحسب تعبيره.
لم تكن موهبة جمٌن مقتصرة على النطاق المحلي في عدن فقد شارك الفنان في معارض محلية و خارجية بدايتها في سوريا و ليبيا و موسكو و بلغاريا وكذلك الإمارات في فترات مبكرة من عمره كرسام كاريكاتير و كفنان تشكيلي
يقول جمٌن ” لمشاقر” انا أرسم بإحساسي قبل فرشاتي، أحاول إيصال إحساسي للمتلقي،و أميل دائما لرسم الناس البسطاء و معالم الحياة من حولي دون تكلف و لكن مع الكثير من الحرفية في التنفيذ”
أرسم بإحساسي قبل فرشاتي، أحاول إيصال إحساسي للمتلقي،و أميل دائما لرسم الناس البسطاء و معالم الحياة من حولي دون تكلف و لكن مع الكثير من الحرفية في التنفيذ”
يوضح الفنان التشكيلي عدنان أن لا سقف لطموح الفنان، لكن تبقى الآمال بأن يكون الرسم ذات يوم مصدرا كريما للعيش.
ويضيف حتى الآن مازال هذا الموضوع بعيد المنال في اليمن.
ويؤكد أن الرسام الموهوب في اليمن لا يستطيع أن يعتمد على هذه الموهبة كمصدر دخل مادي.
انخرط الفنان عدنان في تجارب التدريس والتدريب على الرسم بشكل طفيف، موضحا أن الجهد والأفكار والإلهام لم يكن مجزياً في تأهيل الرسامين ويعزي ذلك لعدم دعم مثل هذه النشاطات بشكل يستحق الإشادة والإنجاز.
يشير جمن أنه كتب القصص القصيرة، بيد أن الحياة تجاذبته في مناح مختلفة و وأصبح يكتب الشيء اليسير عبر صفحته بالفيسبوك كنوع من الفضفضة.
ويؤكد أنه ما زال يقرأ الكتب و الروايات كعادة متأصلة منذ الصغر بحسب وصفه.
لا يكتفي الفنان جمن بنشر رسوماته بل أنه يصف كل رسمه يقوم بها بطريقة إبداعية ووصف أكثر ما يقال عنه قصة قصيرة.
لم تكن مسيرة جمن بالفن مفروشة بالورود أغلقت في طريقة الكثير من الأبواب إلا أن موهبته كانت المفتاح الذي يسير عليه ويفتح من خلاله الأبواب المغلقة بثقة.
وأكبر الصعوبات التي ما زال يواجهها أن الله حباه بالموهبة في بيئة تهمش الموهوب و تبرز اللا موهوب، بحسب تعبيره
يؤمن جمٌن أن أفضل ما عنده لم يأت بعد، وأقصى طموحاته أن يجهز لمعرض شخصي لأعماله خارج اليمن، ويصف الفن التشكيلي باليمن بأنه لا زال يتيماً بلا مأوى ولا يرعى إبداع الفنانين المبدعين.