تعز – محمد أمين :
من أبرز المعاناة التي أوجدتها الحرب في اليمن هي معاناة السفر والتنقل بين مختلف المحافظات اليمنية التي تقع بين مختلف أطراف الصراع.
وتبرز هذه المعاناة بشكل رئيسي في محافظة تعز (جنوب غربي) اليمن؛ حيث تسيطر القوات الحكومية على المناطق الغربية والجنوبية والمناطق الشرقية والغربية تسيطر عليها جماعة الحوثي.
ومنذ عام 2015 قامت جماعة الحوثي بإغلاق كافة المنافذ الرئيسية الواصلة إلى مدينة تعز، واضطر المسافرون إلى السفر عبر طرق جبلية بديلة لم تكن في السابق معبدة ومؤهلة أن تصبح طرقًا رئيسيةً تصل بين مديريات المحافظة أو تربط محافظة تعز بالمحافظات الأخرى.
الطريق لم تكن قبل الحرب تستخدم للوصول بين القرى الريفية في إطار المديرية
من أهم المنافذ والطرق البديلة التي تصل إلى مدينة تعز هي طريق الاقروض في مديرية صبر جنوب مدينة تعز، وحسب بسام كليب وهو مواطن يعمل في التنقل بين مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي ومنطقة الحوبان شرق مدينة تعز والواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي، يؤكد أن هذه الطريق لم تكن قبل الحرب تستخدم للوصول بين القرى الريفية في إطار المديرية، موضحًا أنه لم يسبق له ومئات سائقي سيارات نقل المسافرين والبضائع أن مروا من هذه الطريق الوعرة التي تعد عبر وصفه مشقة كبيرة ومعاناة كبيرة للمسافرين وخاصة منهم المرضى وله أيضًا، فهو يحتاج لصيانة سيارته بشكل مستمر ويكلفه ذلك الكثير من المال،
ويضيف أن الوصول إلى منطقة الحوبان والمديريات الريفية شرق مدينة تعز لم يكن يستغرق ساعة واحدة في أكثر الأحوال إلى أبعد المديريات.
حوادث وضحايا
تصل مسافة طريق الاقروض البديلة جنوب مدينة تعز 25 كيلومترًا تقريبًا من بدايته في منطقة الاقروض حتى الوصول إلى منطقة الدمنة شرق المدينة ومنها إلى محافظة إب وصنعاء ومختلف المحافظات الواقعة تحت سيطرة جماعة الحوثي.
ولأن هذه الطريق جبلية وعرة ولم يتم تعبيدها أو توسعتها وصيانتها منذ خمس سنوات فقد تسببت بالكثير من حوادث انقلاب السيارات وسقوط ضحايا من المسافرين وخسائر مادية للسائقين.
وفي هذا السياق يقول خالد سفيان العامري وهو أحد الوجاهات الاجتماعية في منطقة الاقروض “يكاد لا يمر يوم واحد دون حادث مروري نشاهده على امتداد هذا الطريق أو نسمع به من شهود عيان”، مشيراً” إلى أن متوسط الحوادث الشهرية تتعدى 40 حادث انقلاب سيارات وتعطل شاحنات نقل للبضائع، وليس هناك إحصائية رسمية حول عدد الوفيات” نتيجة انقلاب سيارات النقل عبر هذه الطريق إلا أن العامري يوضح أن عدد الضحايا من المسافرين يصل إلى عشرة أشخاص شهريًا، إصاباتهم تتفاوت بين الخفيفة والمتوسطة.
ولفت العامري إلى أن هناك مخاطر يومية على طول الطريق ومخاطر موسمية هي (كوارث السيول)، داعيًا السلطة المحلية وفاعلي الخير إلى تدارك وقوع ما وصفه بكارثة تتمثل في سقوط صخور كبيرة قد تؤدي إلى سقوط العشرات من المسافرين ضحايا، حيث يقول إن هناك مؤشرات لتشققات صخرية في “عقبة الشامر” منحنى جبلي على الطريق.
الكثير ممن تم استطلاع آرئهم من المسافرين عبر طريق الاقروض وخاصة منهم المرضى الذين يضطرون للوصول إلى مدينة تعز من مرضى السرطان والفشل الكلوي تحدثوا بحرقة وأسى كبيرين عن مشقة السفر والمعاناة التي يكابدونها في السفر عبر طريق الاقروض الجبلية ويتمنون أن يتم التوصل لاتفاق بين أطراف الصراع لفتح المنافذ الرئيسية وإنهاء الحصار عن المدينة الذي تفرضه جماعة الحوثي منذ أكثر من خمس سنوات.
وحول المساعي المختلفة لفتح المنافذ الرئيسة للوصول إلى مدينة تعز وإنهاء معاناة الناس من السفر عبر الطرق الجبلية البديلة تعتبر الدكتورة ألفت الدبعي عضو فريق نساء تعز من أجل الحياة “وهي مبادرة تسعي إلى فتح الطرق وإنهاء الحصار عن تعز”: “أن التجربة في تعز بين طرفي الحرب أثبتت أنهم يتعاملون مع الوسطاء المحليين العاملين في مجال فتح الطرق كنوع من التكتيك وليس لديهم أي جدية حقيقية لفتح الطرق “.
وتضيف انه ليس من للقضية من بعد إنساني.
وتقول الدبعي إن معاناة المواطنين اليومية لا توصف، لافتة إلى أن السفر عبر الطرق الجبلية البديلة للوصول من وإلى مدينة تعز تضاعف فيها أعداد الحوادث المرورية بشكل كبير بنسبة زيادة 70% مقارنة بما قبل الحرب، حسب قولها.
وتعتبر الدبعي بقاء الطرق الرئيسة مغلقة بهذا الشكل يمثل موردًا اقتصاديًا جديدًا عبر استخدام الطرق الفرعية الوعرة التي يتكبد المواطنون كل يوم دفع تكاليفها الباهضة والتي تذهب كدخل وإيرادات يستفيد منها أطراف الحرب.
وحول الدور الذي يمكن أن تقوم به المنظمات الدولية من أجل فتح المنافذ الرئيسية وإنهاء معاناة أبناء مدينة تعز الواقعة تحت سيطرة القوات الحكومية، تقول الدبعي: ليس هناك توجه دولي ضاغط عبر المنظمات الدولية الإنسانية ومكتب المبعوث الأممي الجديد لجعل قضية فتح الطرق في تعز تتصدر أولوية القضايا الإنسانية والتي لا تقل أهمية عن المطالبة بفتح مطار صنعاء.
وأشارت إلى أن وجود ضغط أممي إنساني كبير سوف يجبر من يماطلون في فتح المنافذ الرئيسية وإنهاء حصار تعز على استكمال تنفيذ اتفاق السويد وانعقاد لجنة تفاهمات تعز المنبثقة عن اتفاقية أن يكون هناك مسارًا ضاغطًا مستمرًا من قبل المجتمع المدني لبقاء هذه القضية حاضرة كتصعيد إعلامي، واستمرار المطالبة بها بقوة، وبغير ذلك لن يكون هناك أي تأثير لهذه القضية.