حلول إبداعية في الدعم النفسي ودمج الأطفال النازحين
تعز/ آمال محمد
الترفيه ليس حكرًا على الكبار بل حق ضروري للأطفال أيضًا، لكن كيف تبدو الأجواء إن كان بإمكان بعض الاطفال فقط الحصول عليه دون غيرهم في مساحة تواجد واحدة.
سؤال وضعه عدد من الشباب والشابات على طاولة البحث ليكشف السؤال عن اغجابات مؤرقة.
حدث هذا خلال العام 2016، وهو العام الذي استقبلت فيه مديرية الشمايتين محافظة تعز أعدادًا من الأسر النازحة تعادل تقريبا عدد الأسر المقيمة.
مثلت هذه المديرية العام 2016 ملجأ آمنًا فنزحت إليها آلاف الأسر من معظم محافظات الجمهورية، قدرتها منظمات دولية كمنظمة كير العالمية بنحو 150 الف اسرة.
عادة لا يأت النازحون بكافة إمكانياتهم فهم غالبا ما يفرون بحقهم في الحياة تاركين وراء ظهورهم بيتا ومحتواه،
توزعت هذه الأسر في مختلف نواحي المديرية، حيث يمكن أن تجد منازل شاغرة للسكن ما تسبب في ظهور فجوة اقتصادية بين النازح والمقيم.
تحرص الأسر على توفير احتياجات العيد لأطفالها، فهم يرون العيد في تلك الفرحة التي تزين أسارير الأطفال، أما بالنسبة لكثير من الآباء فالعيد عيد العافية.
مطلع العام ذاته، كان 50 شابة وشاب أنشئوا مبادرة ” شريان العطاء للتنمية الريفية”.
تعمل المبادرة على تنظيم أنشطة تنموية، وتوظف التدريب والتأهيل لحل مشكلات ضعف التعليم واستعادة الإنسانية من حيث تاهيل النساء وإعدادهن للعمل المدر للدخل.
في سبتمبر من العام 2016 كان الناس على مشارف العيد وكانت الفجوة ظاهرة بقوة بين أطفال الفقراء والنازحين بشكل خاص وأطفال الأسر الميسورة ومحدودة الدخل التي تعد للمناسبة في العادة من وقت مبكر.
كثيرًا مايركز الناس على الأشياء الظاهرة، لكن نظرة هؤلاء الشباب تميزت بالعمق والتحليل ربما بشكل غير مألوف حينها بين أوساط الأنشطة المجتمعية الأخرى على أهميتها.
استطاع شباب المبادرة تأمين ملابس العيد من خلال جمع تبرعات من مقيمين ومغتربين من أبناء المديرية، لكن كابوسًا آخر كان يؤرقهم.
في يوم العيد يظهر التفاخر في شراء الألعاب والحلويات وغيرها الكثير من لوازم الفرحة، الأطفال يحملون الكثير من المال صبيحة ذلك اليوم.
تقول رئيسة المبادرة -حنين ياسين- :” كنا مصدومين من مجرد تخيل حجم الصدمة صبيحة العيد، بين اطفال يملكون المال وآخرون حرفيا معدمون وكنا منشغلين بايجاد طريقة مقنعة في مجال الدعم النفسي للاطفال ولم تكن أمامنا تجربة يمكننا محاكاتها بإمكانياتنا الشحيحة “.
” كنا مصدومين من مجرد تخيل حجم الصدمة صبيحة العيد، بين اطفال يملكون المال وآخرون حرفيا معدمون وكنا منشغلين بايجاد طريقة مقنعة في مجال الدعم النفسي للاطفال ولم تكن أمامنا تجربة يمكننا محاكاتها بإمكانياتنا الشحيحة “
وضع الشباب المشكلة على الطاولة ونظموا ورشة لمناقشة التداعيات النفسية التي يمكن أن تصيب الاطفال، وبالنتيجة تداعياتها على الأجواء بين النازحين والمجتمع المضيف.
توصل الشباب خلال المناقشات إلى حل ابتكاري وغير معهود، لكنه أعطى نتائج عالية الاهمية.
توضح حنين : ” فكرنا في إيجاد طريقة لصرف نظر جميع الأطفال عما اعتادوا عليه، وتنظيم أساليب احتفائية تجعلهم يتشاركون فرحة العيد بالتساوي، وبعد عمليات عصف توصلنا إلى حل ذي أربعة محاور ( الرسم على الوجوه، توزيع الهدايا، بوفيه مفتوح، وتنظيم ألعاب جماعية)”.
كانت فكرة الرسم على الوجوه غير مألوفة تمامًا حينها في تلك المديرية الريفية، وكان المعول عليها صرف الأنظار عن المألوف “وقد تحقق ذلك بنسبة 100% اذ شملت جميع الاطفال ميسورين ونازحين وفقراء” يقول الاهالي.
كان يومًا خاليًا من أشكال التمييز ومسببات الإحباط للأطفال النازحين والفقراء في يوم يكثر فيه التمييز والتنمر، وإن كان بحسن نية إلا أن ذلك لا يلغي الآثار والتداعيات على نفسيات الأطفال” يقول شباب المبادرة.
عشية العيد وفرت المبادرة من خلال مساهمات أعضائها الألوان وفرش الرسم اللازمة والمواد اللازمة لتحهيز البوفيه، ونسقوا مع عدد من الفنانات التشكيليات المبدعات في الرسم على الوجوه ليكن متواجدات صبيحة يوم العيد في المساحة المخصصة لتواجد الاطفال “.
في ذات الوقت كانت أخريات من أعضاء المبادرة المتقنات فن تحضير الحلويات يحضرنها في منازلهن فيما يملأ الشباب عشرات البالونات بالهواء في منازلهم.
“صبيحة العيد تجمع الاطفال ليجدوا فتيات المبادرة في الانتظار وفي الساحة بوفيه مفتوح، وألعاب متعددة تنظمها فتيات المبادرة ومتطوعاتها الإضافيات اللواتي يُجدن تصميم الألعاب، فيما تقوم التشكيليات بالرسم على وجوههم وفق ما يرغب الأطفال رسمه أو يعجبون به مما رسم على وجوه أقرانهم، مرت ساعات العيد وهم معًا يلعبون ذات الألعاب ويأكلون ذات الحلويات ويتبادلون الإعجاب بلوحات الوجوه”، تقول رئيسة المبادرة.
وتضيف “نجاح التجربة شجعنا أن نتوزع خلال عزل المديرية وقراها، التي يفتقر فيها الاطفال فرحة العيد أو تفصلهم فجوة الامكانيات مع أطفال المجتمع المضيف لتستمر العملية طيلة أيام العيد ومن ثم تكرارها خلال المواسم اللاحقة بأنشطة وصور إبداعية مختلفة” .
“نجاح التجربة شجعنا أن نتوزع خلال عزل المديرية وقراها، التي يفتقر فيها الاطفال فرحة العيد أو تفصلهم فجوة الامكانيات مع أطفال المجتمع المضيف لتستمر العملية طيلة أيام العيد ومن ثم تكرارها خلال المواسم اللاحقة بأنشطة وصور إبداعية مختلفة”
أحد أهالي الأطفال النازحين يقول: “تلك الفعاليات المبتكرة لم تسهم في اندماج الأطفال فقط بل والكبار أيضًا” .
من جانبهما أعربت الطفلتان ريم محمد 10 سنوات، ومرام 11 سنة عن سعادتهما بوصول أول عيد حد وصفهما الى منطقة الماض – عزاعز المعزولة تماما عن ما حولها باعتبارها تجمعًا للمهمشين لا تصلهم تدخلات الاستجابة الإنسانية”.
استهدفت الفعاليات نحو 500 طفل وطفلة في مناطق مختلفة من المديرية الأكثر سكانًا ونازحين في المحافظة من خلال أنشطة أكثر إيجابية وأقل كلفة تقوم على حشد وتوظيف المواهب والطاقات بدرجة أساس.
أصداء التجربة
العام 2020 وظفت الفنانة التشكيلية اليمنية آيات ثابت رفقة عدد من زملائها بشكل شخصي الرسم لصناعة الفرحة لدى اطفال مخيمات النزوح بمحافظة مأرب شرقي اليمن.
ومنذ العام 2020 تعمل آيات في تقديم الدعم النفسي للأطفال النازحين في مخيمات مأرب من خلال تعليمهم الرسم والمسرح .
وتضيف ” قدمنا أيضًا دعوة للأطفال النازحين لحضور معرض الكتاب الذي أقيم في مأرب، وكان لهذه الخطوة صدى كبير في مواقع التواصل الاجتماعي”.
وبحسب الناطق الإعلامي للوحدة التنفيذية للنازحين في مأرب أيمن عطى : يبلغ عدد النازحين في مأرب 2 مليون و مئتين الف حسب احصائية العام 2022، ويبلغ عدد المخيمات المتواجدة في محافظة مأرب 140 مخيم موزعة في الوادي و الصحراء بالمحافظة وتمثل مخيمات الجفينة ، السميا، النقيعاء، الميل، جو النسيم ، آل جلال ، والسويدا أكثر تلك المخيمات ازدحامًا بالأطفال النازحين”.
في مدينة عدن نظمت مبادرة (ترابط التنموية) يومًا مفتوحًا للأطفال النازحين تخللته فعاليات الرسم على الوجوه وتوزيع الهدايا ومشاركتهم اللعب كشكل من أشكال الدعم النفسي بطرق مختلفة.
“أمة الرحمن العفوري “رئيسة مبادرة ترابط التنموية تقول ” الانشطة التي نقدمها للأطفال تهدف الى إدخال الفرحة في قلوبهم فيشعر الفريق بسعادة”.
وتضيف ” الأنشطة التي قدمتها المبادرة شملت 200 طفل”، مشيرة إلى وجود معترضين على الأنشطة من بوابة البحث عن إضافات جديدة “.
تستمر عمليات النزوح بسبب الحرب في اليمن، وكثيرًا ما تقبع مخيمات النزوح في مناطق خالية أو شبه خالية، مايجعل الأطفال هناك معزولين عن العالم وقد لايتمكنون من الحصول على حقهم في التعليم لسنوات.
تم إنتاج هذه المادة بدعم من مركز الدراسات والإعلام الاقتصادي