عاملات النظافة، فريسة سهلة لفيروس كورونا
تعز- رانيا عبدالله
تقضي الحجة وهبة ـ (50 عاماً) ـ ساعات طويلة بالعمل اليومي في تنظيف الشوارع بمدينة تعز جنوب غرب اليمن ـ دون ارتداء أدوات السلامة والوقاية من الاوبئة واخطرها فيروس كورونا (كوفيد 19).
تقول الحجة وهبة: ” ما عندي غير المكنس والجونية، اكنس الشوارع وارفع القمامة وسيحميني الله بقدرته من الامراض”.
وتعتبر عاملات النظافة أكثر فئات المجتمع عرضة للإصابة بفيروس كورونا كونهن في خط الدفاع الثاني بعد العاملين في القطاع الصحي لمواجهة الجائحة فهن يعملن منذ الصباح الباكر في تنظيف الشوارع وجمع مخلفات الناس دون ان توفر لهن ادوات السلامة للوقاية من الأوبئة وعلى رأسها فيروس كورونا.
راتب زهيد وأوبئة
تعمل الحجة وهبة (أم لثلاثة ابناء وطفلة معاقة) في صندوق النظافة والتحسين بمدينة تعز منذ 30 عاماً براتب شهري زهيد لا يتجاوز (35000) ريال (40) $ لا يفي بالاحتياجات المعيشية الضرورية ” راتبي لا يكفي مصاريف الاكل والشرب والأدوية التي احتاجها انا وطفلتي، وصندوق النظافة لا يوفر لي التأمين الصحي رغم سنوات العمل الطويلة التي قضيتها ” تقول الحجة وهبة.
بنبرة حزن تضيف: ” اصبت بوعكة صحية وتحسس وزكام حاد فلم أجد قيمة الدواء او الفحوصات واكتفيت بالبقاء في البيت الى ان تماثلت للشفاء “.
ويرى الناشط الحقوقي ـ عبدالغني عقلان ـ الناطق الرسمي باسم الاتحاد الوطني للمهمشين بمدينة تعز أن عاملات النظافة يعانين من التهميش المزدوج كونهن نساء وكونهن من ذوات البشرة السوداء وكونهن ايضاً عاملات في النظافة.
ويقول عقلان: “النساء العاملات في النظافة لا يُوفر لهن ادني حماية أو أدوات وقائية لحمايتهن مما يجعلهن عرضة للإصابة وايضاً اسرهن كون عاملة النظافة هي من تعتني وتهتم بأسرتها وبالتالي تنقل العدوى لبقية افراد اسرتها او ابنائها “.
اهمال وتقصير
(450) عاملة من الفئات الاشد فقرا (المهمشين) بمدينة تعز تتعرض لخطر الاصابة بفيروس كورونا والامراض المعدية الاخرى كونهن يعملن دون أي وسائل وقائية، حيث ان
صندوق النظافة والتحسين بتعز لم يقدم الوسائل والادوات الوقائية لعاملات النظافة منذ بداية الجائحة مما يضطرهن للعمل بدون ارتداء الكمامات والقفازات للوقاية من الفيروسات حد قول الحجة وهبة.
من جهته يوضح عبدالله جسار ـ مدير عام صندوق النظافة والتحسين بتعزـ ان الصندوق قام بتوزيع بعض الملابس والكمامات لكافة عمال النظافة مرتين منذ بداية الجائحة بالتعاون مع بعض المنظمات ضمن الاجراءات الوقائية من فيروس كورونا.
وتعتبر المخلفات الطبية هي اشد خطورة على عاملات النظافة حيث تحتوي على مخلفات المرضى والمصابين ويوضح جسار قائلاً: ” قمنا بالتواصل مع المستشفيات لضرورة نقل النفايات الخاصة بالمستشفيات الى مقلب النفايات مباشرة لأنها أكثر خطورة على عمال وعاملات النظافة’ لكن دون جدوى”.
ويضيف: “عاملات النظافة بحاجة الى أدوات السلامة والوقاية بشكل يومي بسبب ظروف عملهن، وقد تقدمنا بمذكرة لمكتب الصحة بتوفير وسائل الوقاية “. كما حمل جسار مشكلة أجور عمال النظافة على السلطة المحلية بالمحافظة والحكومة الشرعية ووزارة المالية.
من جهته أوضح الدكتور راجح المليكي ـ مدير عام مكتب الصحة بتعز أن دور مكتب الصحة
دور توعوي وتثقيفي وارشادي، مطالباً الجهات القيادية في السلطة المحلية وصندوق النظافة توفير ما يمكن توفيره من وسائل الحماية والتعقيم لعمال النظافة، مؤكداً وجود حالات مسجلة من فئة العاملين في النظافة.
أجر يومي وفيروس متربص
ريم (30) عاما هي الاخرى تعمل بصندوق النظافة لكن بالأجر اليومي دون اي اهتمام أو اكتراث من الجهات المعنية بما سيلحق بها وزميلاتها من اضرار تقول: “نعاني من تهميش واستحقار لمهنتنا ومع ذلك نضطر للعمل لساعات طويلة دون اي وسائل وقائية في ظل انتشار الوباء الجديد”.
بصوت خافت تضيف ريم: ” نحن المهمشات لا توجد لدينا فرص عمل اخرى سوى العمل بتنظيف مخلفات الناس”.
وهنا نقف أمام مشهد من مشاهد التضحية ضمن معادلة غير متوازنة تحمل في طرفها الأول عاملات النظافة من المهمشات وفي الطرف الآخر جهة حكومية غير مسؤولة ولا مكترثة بما تقدمه العاملات من خدمات وتوضح الاخصائية الاجتماعية ـ الطاف الاهدل ـ أنه نتيجة عوز النساء المهمشات وانتشار الامية في أوساطهن واحتياجهن للعمل فهن يقبلن بالعمل في ظرف استثنائي صعب بلا عناية صحية ولا رعاية طبية تقول الاهدل: “عاملات النظافة يعانين من النظرة الدونية العرقية وتسحقهن يوميا نظرات الاستحقار لمهنتهن فهذه مشكلة من مشاكلنا الاجتماعية التي تفاقمت وتعالت أكوامها”.
الحجة وهبة والشابة ريم تجمعهن امنية واحدة بان يجدن تقدير لجهودهن ويحصلن على حقوقهن ويعاملن باهتمام وانسانية فهن يعملن بجهد وخوف في ظل انتشار جائحة كورونا دون أي وسائل حماية أو وقاية من الفيروسات والاوبئة المنتشرة في أزقة المدينة حواريها وزوايا شوارعها.
تم إنتاج هذه المادة كإحدى مخرجات برنامج ” الكتابة الصحفية الجيدة لقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي في ظل جائحة كوفيد19″ الذي ينفذه مركز الدراسات والاعلام الاقتصادي بدعم من صندوق الأمم المتحدة للسكان UNFPA