قصة المرأة التي ناضلت من أجل معرفة أماكن المختطفين وتطمئن ذويهم
تعز / وضحة الوصابي :
لم تقف الحرب المأساوية في اليمن عائقًا أمام النساء في صنع النجاحات التي تقوم بها ناشطات عُرفن بكفاحهن ونضالهن في قضايا وأحداث مختلفة أثناء الحروب إلا أن أسماء كان دورها رسم البسمة على شفاه اليمنيات والمساعدة في إطلاق سراح المختطفين وعودة بعضهم إلى ديارهم.
تكافح دون تراجع أو استسلام لظروف الحرب الصعبة، رغم ذلك استطاعت أن تثبت حضورها في أوج المحن والصعاب لبلد تعيش تحت وطأة أزمة إنسانية تعد الأسوأ في العالم.
حلقة وصل
تنتمي أسماء الراعى ذات الثلاثة والأربعين ربيعًا إلى مديرية الصلو الواقعة جنوب شرق مدينة تعز، درست إرشاد نفسي وبدأت العمل مع رابطة أمهات المختطفين من منتصف عام 2017 بحضور الوقفات والمشاركة في الفعاليات الخاصة بالرابطة.
بعد ذلك كانت حلقة وصل بين الأسر المختطف ذويهم واللجنة الدولية للصليب الأحمر، والتنسيق معهم لمعرفة أماكن تواجد المختطفين، بناءً على ذلك توصلت إلى أهمية وجود فرع لرابطة أمهات المختطفين في تعز؛ نطراً لأعداد المختطفين الكبيرة من أبناء تعز وصعوبة وصول الأهالي للوصول إليهم، وكذلك عدم معرفة أماكن تواجدهم مع اتساع رقعة الاختطاف في أكثر من محافظة جراء الوضع العسكري والأمني الحاصل.
إسناد ومناصرة
عام 2018 بدأت الراعي العمل مديرًا لمكتب رابطة أمهات المختطفين بتعز، لتبدأ مشوارها نحو الكثير من الإسهامات في إطلاق سراح المختطفين من محافظة تعز، صاحبتها عدد من الأنشطة الحقوقية كعقد دورات في مجال حقوق الإنسان وجلسات استماع لذوي المختطفين، إضافة للمداخلات التلفزيونية لتسليط الضوء على الانتهاكات، يرافق نشاطها هذا تواصلها المستمر مع عدد من المنظمات الدولية ذات الصلة كاللجنة الدولية للصليب الأحمر والمفوضية السامية لحقوق الإنسان ومنظمة العفو الدولية ولجنة الخبراء الخاصة بالملف اليمني وعدد من الفاعلين الإقليميين في مجال حقوق الإنسان من أشخاص وجهات.
من خلال عملية الرصد والتوثيق لحالات الاختطاف والاعتقال التعسفي والإخفاء القسري تقوم أسماء الراعي عبر رابطة أمهات المختطفين في تعز بإسناد أسر المختطفين والمعتقلين والمخفين قسرًا من خلال التوعية الحقوقية والدعم النفسي قدر المستطاع كما تقوم بالمناصرة، وحشد الجهود المجتمعية والرسمية والمطالبة داخليًا وخارجيًا للكشف عن مصير المخفيين قسرًا وإطلاق سراح المختطفين والمعتقلين تعسفًا.
سلام واطمئنان
لا يتوقف نشاطها عند عملها المتمثل في الرابطة، بل لها أهداف ودوافع تجعلها دائمة الحضور والعمل من أجل تحقيقها وكله يصب في صالح أسر المختطفين وذويهم.
أسماء الراعى :لن نشعر بالسلام حتى يتم الإفراج عن المختطفين والمختطفات جميعًا، وتعود الابتسامة والحرية لهم جميعًا، ويعم السلام والأمن بلادنا، ويتم محاكمة المتسببين في كل الانتهاكات التي طالت المختطفين وتعويضهم وجبر الضرر لهم.
في حديثها لـ “مشاقر “حول ما حققته كناشطة حقوقية تقول الراعي: شعورنا بما قدمناه للمختطفين وأسرهم رغم أن قضيتنا وصلت إلى كل المنظمات المحلية والدولية، وأصبحت قضية معترف بها دوليًا إلا أننا ما نزال نشعر أن هناك هدفًا لم يتحقق وهو السلام والاطمئنان في قلوب الأمهات اللواتي ينتظرن عودة ذويهم بلهفة وشوق، والحرية الكاملة لكل المحتجزين والمعتقلين والمختطفين المتواجدين في المعتقلات الخاصة بأطراف الصراع جميعها.
وأضافت: لن نشعر بالسلام حتى يتم الإفراج عن المختطفين والمختطفات جميعًا، وتعود الابتسامة والحرية لهم جميعًا، ويعم السلام والأمن بلادنا، ويتم محاكمة المتسببين في كل الانتهاكات التي طالت المختطفين وتعويضهم وجبر الضرر لهم.
وتابعت الراعي: المطالبة بإطلاق سراح الجميع دون شرط أو قيد والعمل على إدماجهم في المجتمع من جديد، هذا مهم ليس على المستوى الوطني وحسب بل على المستوى الإنساني ككل.
نجاحات ملموسة
بوتيرة عالية تتطلع الراعي إلى نيل جميع المختطفين والمخفيين قسرًا والمعتقلين تعسفًا حريتهم الكاملة، ولا تمانع بالعمل مع كل من يريد ذلك، وهو سعي تتمنى أن يكلل بالنجاح.
,وهذا ما يؤكده المحامي والناشط الحقوقي علي الصراري الذي أبدى لـ “منصة مشاقر ” إعجابه بما تقدمه الرابطة عبر مدير مكتبها في تعز بالقول: رابطة أمهات المختطفين في تعز انتفضت من بين غبار المعاناة، وحددت هدفها السامي، المتمثل برصد وتوثيق بيانات المختطفين.
وأضاف الصراري: ما حققته الرابطة من نجاحات حيث نقلت للعالم وللمجتمع الدولي والإنساني والحقوقي معاناة المختطفين وأوضاعهم المأساوية التي يعيشونها من خلال معرفة أولياء أمورهم وذويهم لأماكنهم.
كما أنها نجحت بالعديد من صفقات تبادل الأسرى وأصدرت العديد من التقارير الحقوقية وضحت فيها أحوال وأوضاع المختطفين، وأقامت العديد من المؤتمرات الصحفية والأنشطة الخاصة بالمختطفين العائدين وجلسات الاستماع التي تم تقديمها للجمهور ووسائل الإعلام المختلفة، وهذا نجاح ملموس كما يرى الصراري.
إصرار وشجاعة
هكذا تُشكل النساء اليمنيات الأمل، وتمنحن القوة والشجاعة لمن حولهن، مثابرات، صابرات، مكافحات، ملهمات، ينسجن حكايات فيها الكثير من التحدي كأسماء الراعي التي تقوم بمهمتها على أكمل وجه في محور يُعنى بالمختطفين، ويبدو في حكم الحرب دور لا علاقة للنساء به، إلا أنها أتقنته بجدارة.
بإصرار تقف بوجه الصعوبات ومرارتها؛ استشعارًا للمسؤولية التي تدفعها لأن تكون جزءًا فاعلًا في مجتمعها رغم كل ما تواجهه، كما تقول تهاني الشريف، إعلامية.
وبهمة وعزيمة المرأة اليمنية التي ما تزال تنتزع حقها بإرادتها القوية، تحاول الراعي أن تنجح مساعيها؛ لتخرج حبًا وكرامة لأبنائها، وتزرع في طريقهم عزة النفس ومحبة الوطن، وأن تكون شريكًا أساسيًا في تنمية مجتمعها وإعادة الروح إليه، لتكون بمثابة تلك المرأة التي سخرت نفسها للوقوف إلى جانب أمهات المختطفين؛ كي تساهم في استعادة ابتسامتهن المصادرة بفعل الحرب منذ سنوات.