كوفيد19يفاقم من معاناة ذوي الاحتياجات الخاصة في التعليم
تعز/ أسامة فرحان
في ظل الواقع المؤلم الذي يعيشه ذوي الإحتياجات الخاصة في اليمن من غياب الإهتمام الرسمي والأهلي وتغييب حقوقهم في شكل يعارض النصوص القانونية التي كفلها لهم القانون اليمني، زاد الوضع تعقيدًا مع بداية جائحة كورونا المتسببة في عزل كامل أضر بهذه الفئة في جميع المجالات بما فيها واقع التعليم.
ما يزيد من صعوبة الأمر هنا أن الجائحة التي حبست العالم وأربكت نظامه الإجتماعي، خلقت الكثير من الفرص البديلة وورشات العمل عن بعد، كما خلقت فرص عمل جديدة تتكيف مع واقع العزل، ولكن ليس لذوي الاحتياجات الخاصة، وهذا الأمر يشعرنا بمدى خطورة هذا التجاهل مستقبلًا وينبئ عن ذهنيات تنظر إليهم كأمر ثانوي تمامًا ولن يتم الإلتفات إليهم في حال حدوث أزمات أو كوارث طبيعية أكبر.
وبحسب تقرير “للمنظمة الدولية للمعوقين” يعاني قرابة 4,8 مليون شخصٍ من إعاقة واحدة على الأقلّ من بين 30 مليون نسمة في اليمن، وفق أرقامٍ للأمم المتحدة، وقبل عام 2014 كان العدد يقارب 3 ملايين .
” يعاني قرابة 4,8 مليون شخصٍ من إعاقة واحدة على الأقلّ من بين 30 مليون نسمة في اليمن، وفق أرقامٍ للأمم المتحدة، وقبل عام 2014 كان العدد يقارب 3 ملايين .
كما أن فئة ذوي الاعاقات أو كما تسمى الاحتياجات الخاصة تعاني من إهمال كبير في اليمن، وتحتاج لأبسط المقومات من أجل أن تحظى بحياة كريمة لا تقل عن حياة الآخرين من حولهم.
إلا أنه وسط هذا الوضع السيء أضافت جائحة كورونا خلال انتشارها في اليمن صعوبات بالغة عليهم تمثلت بتوقف تعليمهم في المراكز البسيطة المخصصة لذلك وحرمانهم من حقوقهم
وذهب *جمهور الحميدي* *دكتور علم نفس* إلى أن العملية التعليمية وكافة أنشطة الحياة المدنية تأثرت بفعل جائحة كورونا، ولكن توقف التعليم كان أمرً شديد الحساسية بالنسبة لذوي الاحتياجات الخاصة، حيث وهم بحاجة ماسة إلى الحضور اليومي للمراكز التعليمية الخاصة بهم للحصول على المهارات التي تساعدهم في التغلب على صعوبات الحياة.
ويضيف *الحميدي* لــ“مشاقر” أن الحضور اليومي للمراكز التعليمية يجعل ذوي الاحتياجات الخاصة يكتسبون مهارات التكيف والإنسجام في الحياة كما تنمي لديهم مهارات التطبيع الاجتماعي والنفسي، ولذلك فإن إعلان حالة الطوارئ في البلاد أثرت بشكل كبير على عملية استقرار هذه الفئة وسلامها الداخلي وتعليمها.
ويرى *الحميدي* بشكل عام أن واقع هذه الفئة مؤسف منذ البداية وجائحة كورونا ضاعفت من هذا الواقع السيئ، وذلك لأن بلادنا وللأسف لا يوجد فيها كثير من المراكز التي يمكن أن تقدم خدمات تأهيلية لذوي الاحتياجات الخاصة وما يوجد هو عبارة عن عدد معين من المراكز التم إنشائها بشكل ارتجالي، ومع ذلك فهي تؤدي نوع من الخدمات التي من الممكن أن تساهم بشكل كبير في إعادة التأهيل أو تنمية بعض المهمات.
وبحسب العديد من الدراسات من بينها دراسة (Kara Jolliff Gould 2020) فإن الإستعانة بنظام التعلم عن بعد أو التعليم المدمج الذي خلقته الجائحة لا يلائم ذوي الاحتياجات الخاصة حيث وفي معظم الأحوال هم بحاجة إلى التدريس المباشر نظرًا لظروف إعاقتهم فضلًا عن تنفيذ البرامج والخطط العلاجية لتنمية المهارات وتعديل السلوك، كما أنهم بحاجة إلى أدوات وطرق خاصة تتناسب مع قدراتهم على التأقلم مع الأمور كما هو الحال لدى الأشخاص الأصحاء، وهو ما تأثر بتعليق التعليم.
وأشارت الدراسة أيضًا إلى أن حرمان هذه الفئة من نظام التعليم وجهًا لوجه أثر على مستوياتهم التعليمية لفقدانهم التعليم المباشر الذي يحفز طاقاتهم وينمي مهاراتهم ويراعي ظروفهم وقدراتهم المعرفية والمهارية حيث أن تعليم ذوي الاحتياجات الخاصة يعتمد في معظم الأحوال على الجلسات الفردية والمجموعات الصغيرة طبقًا لنوع الحالة والإعاقة، بالإضافة إلى تأثر فئات من ذوي الإعاقة السمعية اللذين يعتمدون على قراءة الشفاه من وضع جميع الناس الكمامات على وجوههم مما أعاق هؤلاء الطلاب عن جزء من برامجهم التعليمية وهو ما جعل المعلمين يبحثون عن علاج لتلك المشكلات.
ويلفت الحميدي إلى أن النشاط الاجتماعي لذوي الاحتياجات الخاصة بشكل عام يحتاج إلى تفاعل اجتماعي ويحتاج إلى اجتماعات وإلى نوع من الألفة توفره هذه النشاطات ولكن العزل الناتج عن جائحة كورونا أدى بدون شك إلى تأثيرات سلبية جعلت هذه الفئة في طائلة الإنطواء مما يفاقم لديهم كثير من الإضطرابات النفسية لا سيما الإكتئاب والقلق وحدوث المشاعر السلبية التي تجعلهم يشعرون بالألم والعوز.
*صعوبات*
وعلى خلاف الآثار المترتبة على جائحة كورونا من توقف التعليم بالنسبة لفئة ذوي الاحتياجات الخاصة فإن هناك صعوبات متعددة تواجههم في الأصل وهي التي رشحتهم ليصبحوا فئة من ضمن الفئات الأكثر تضررا من الجائحة.
ويضيف المخلافي لـ “مشاقر” أنه من الممكن القول على وجه العموم أن الخدمات التي كانت تقدم لذوي الاحتياجات الخاصة أصبحت شبه متوقفة فثمة مراكز لم تعد تحت الخدمة جراء الحرب وبالذات في الجانب التعليمي، إضافة إلى بعض المراكز التي اصبحت بفعل الحرب ثكنات عسكرية، ولا شك أيضاً أن توقف اعتماد الميزانية التشغيلية أثر على المستوى التعليمي وأصابه بالشلل فضلاً عن أن بعض الأسر مع أبناءها من ذوي الاحتياجات الخاصة قد نزحوا وأصبحوا خارج العملية التعليمية، وبالتالي لم يتم إعادة تأهيلهم ودمجهم في التعليم سواء كانوا معاقين جسدياً أو مضطربين سلوكيًّا وانفعاليًّا.
وتتمثل هذه الصعوبات بحسب “صادق المخلافي”(دكتور تربية خاصة) في التحديات الاجتماعية المتجسدة بضعف التفاعل مع الآخرين والقصور في إقامة العلاقات الاجتماعية ومحدودية الصداقات ويكمن وراء ذلك ضعف المهارات كالاستقلالية والتوكيدية والتعاون وغيرها من الصعوبات الاقتصادية المتمثلة أيضًا في كلفة المواصلات وتوقف خدماتها في إطار المراكز.
“وتتمثل هذه الصعوبات في التحديات الاجتماعية المتجسدة بضعف التفاعل مع الآخرين والقصور في إقامة العلاقات الاجتماعية ومحدودية الصداقات ويكمن وراء ذلك ضعف المهارات كالاستقلالية والتوكيدية والتعاون وغيرها من الصعوبات الاقتصادية المتمثلة أيضًا في كلفة المواصلات وتوقف خدماتها في إطار المراكز”.
ويعود الحميدي للقول أن الصعوبات متمثلة أيضاً في افتقار المراكز إلى العديد من الشروط والمعايير العلمية والاحتياجات التي يفترض أن تنهض بالمستوى التأهيلي والتعليمي ولذلك فهي لا تؤدي رسالة إيجابية ولا تقدم ما عليها من المسؤوليات تجاه ذوي الاحتياجات الخاصة وبالتالي فهذا يجعلهم يواجهون الحياة بمقدرات شحيحة وضعيفة وهذا أمر منهك الى حد كبير لهؤلاء.
*حلول لم تكتمل*
هناك الكثير من ذوي الإحتياجات الخاصة كان لديهم مصدر دخل عن طريق وضائف معينة تحتاج حركة وجسم صحيح، لكن بعد الإعاقة لم يعد بإمكانهم الموالصة لكسب لقمة العيش، فكان لابد لهم أن يدخلوا في مجال التعليم حتى يتأهلوا لوضائف تتناسب مع حالتهم الصحية.
في ظل فترة جائحة كورونا حصل وقوف في البلاد والعالم أجمع، غير أن العالم كما يقول بديع الروحاني (رئيس منظمة الأمل لرعاية ذوي الأحتياجات الخاصة في مأرب) بدأ يتدارك الجائحة ويجد حلول بديلة عن طريق التعليم عن بُعد واستخدام الإنترنت في ذلك، ولا يخفى لدى الجميع وضع وحال الإنترنت في بلادنا، غير أن فئة ذوي الإحتياجات الخاصة أغلبهم لا يملكون أجهزة يمكنهم أستخدامها للتواصل وحضور الدروس، ولا عن طريق المراكز التعليمية التي قادرة أن توفر هذا الجانب، مما جعل كل هذه العوائق تتسبب في إستمرار الإنقطاع التعليمي.
ويضيف *الروحاني* في حديثه لموقع لــ”مشاقر” قائلًا : أضطرينا أن نتوقف عن التدريس لفترة 11 شهر، إلى أن بدأنا نتعامل بشروط التدريس عن طريق الوقاية والتباعد وما إلى ذلك، والسماح لنا من التعليم الفني بالتدريس وفقًا للشروط.
وهذا الوضع هو نفسه الذي حصل في المكلا، وسئيون، وشبوة، ومأرب، كما أن هناك الكثير من شباب البيضاء والجوف لكنهم مستوطنين في مأرب،
مشيرًا أن مركز الأمل لرعاية ذوي الإحتياجات الخاصة كان لديه في كل شهر دفعة تتراوح من 35 إلى 40 من ذوي الإحتياجات الخاصة
“تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH/JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا”