fbpx

معلمو المدارس الأهلية ..رواتب ضئيلة لا تسد الرمق

تعز/ فاطمة العنسي

عقب سبع سنوات عجاف من الحرب والدمار، وتدهور القطاع الاقتصادي الى مستويات لم يشهدها البلد من قبل، وانقطاع الرواتب، يحاول المعلمون لاسيما معلمي القطاع الأهلي، المضي قدما بخطوات ثقيلة نحو الحصول على مصدر دخل تمكنهم من الحصول على اساسيات العيش الممكنة، في بلد أقل ما يقال عنه “يعاني من أسوأ أزمة إنسانية في العالم”.

إيمان السيد (27عاما) واحدة منهم، إذ تعمل معلمة في مدرسة أهلية في العاصمة صنعاء، تكافح من أجل توفير المال لتحمل تكاليف علاج والدتها، في ظل العبء الاقتصادي الذي يعيشه المعلمون في القطاع الحكومي جراء انقطاع الرواتب منذ عام 2016، مقابل الحصول على راتب بالكاد يكفي للمواصلات وبعض المتطلبات الأساسية.

تشكو إيمان، خريجة بكالوريوس لغات “ترجمة”، من قلة الراتب الذي تحصل عليه وهو 50 ألف ريال يمني، إذ يعادل (80 دولار امريكي بسعر صرف الريال بصنعاء)، مقابل تدرسيها ست شُعب في الصفوف الأساسية من الرابع وحتى السادس الابتدائي، في جهد يهلك طاقتها وأعصابها، بالإضافة الى أن “الطلاب القادمون من المدارس الحكومية يحتاجون الى جهد أكبر مقارنة بالبقية، ناهيك أن أولياء الأمور يتركون مهمة التعليم على المعلم دون الاكتراث بمستوى الطالب، منوهة الى أن الإدارة لا تهتم الا فيما يتعلق بالرسوم فقط”. كما تقول.

“الطلاب القادمون من المدارس الحكومية يحتاجون الى جهد أكبر مقارنة بالبقية، ناهيك أن أولياء الأمور يتركون مهمة التعليم على المعلم دون الاكتراث بمستوى الطالب، منوهة الى أن الإدارة لا تهتم الا فيما يتعلق بالرسوم فقط”

على غرار إيمان، تضيف سلوى الجابري (31 عاما) معلمة في احدى المدارس الاهلية في محافظة تعزـ التي لا يختلف الوضع كثير فيها بالرغم من دفع رواتب المعلمين بصورة منتظمة، إلا أن الانتظام وحده قد لا يكفي.

“إن إدارة المدارس الاهلية تستغل حاجة المدرسين للعمل في الوضع الحالي، وتعطي من 25 ألف الى 30 ألف للمعلم الحديث دون زيادة الا عقب خمسة أعوام، بالرغم من أن مكتب التربية والتعليم في تعز صرح على ألا يقل راتب المعلم، عن 30 ألف ولكن ذلك لم يطبق في أرض الواقع.

وتواصل حديثها، “الاستغلال أيضا ليس في الراتب وإنما يشمل الحصص الإضافية، حصص التغطية في حال غياب أحد المعلمين، والإشراف وقت الطابور والراحة وأيام الاختبارات دون تشجيع او زيادة في الراتب”.

“الاستغلال أيضا ليس في الراتب وإنما يشمل الحصص الإضافية، حصص التغطية في حال غياب أحد المعلمين، والإشراف وقت الطابور والراحة وأيام الاختبارات دون تشجيع او زيادة في الراتب”.

وبحسب منظمة اليونيسيف فإن 171.6 ألف معلم ومعلمة لم يحصلوا على مرتباتهم بشكل دوري ومنتظم منذ انقطاع الرواتب في 2016م، وعزت المنظمة في تقريرها الذي نشرته في يوليو من العام المنصرم أن السبب هو قيام الحكومة الشرعية المعترف بها دولياً بنقل البنك المركزي من صنعاء الى العاصمة المؤقتة عدن.

ولفت التقرير إلى أن تعليق دفع الرواتب للمعلمين بالإضافة الى تعرض المدارس للهجوم المستمر بفعل الصراع القائم؛ أجبر العديد من المعلمين الى البحث عن مصادر بديلة تمكنهم من إعالة اسرهم والايفاء بالالتزامات المعيشية.

تمهيد الطريق

في سياق متصل، رجح الصحفي الاقتصادي وفيق صالح إلى أن نشوب الصراع في البلاد والتي دخلت عامها الثامن، قد انعكس بشكل سلبي على مسار المنظومة التعليمية بشكل كبير، من ناحية تراجع التعليم، وتسرب التلاميذ من المدارس وغياب الاهتمام والرعاية لاسيما في المدارس الحكومية، وأن هذه الأسباب مهدت الطريق أمام المدارس الأهلية للظهور، التي عادةً ما يكون الغرض من إنشاءها هو غرض ربحي تجاري من قبل المُلاك بعيداً عن التعليم كهدف جوهري.

ويلفت صالح إلى أن وجود المدارس الخاصة دون حسيب أو رقيب وارتفاع أعدادها سنوياً، يجذب الباحثين عن فرص عمل والمتشبثين بالحياة للعيش في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تمر به البلاد، مشيرا إلى أن ” المدارس الاهلية تستغل حاجة خريجي الثانوية والجامعات وقلة فرص العمل والتوظيف الذي توقف منذ 2011 خصوصا النساء كونهن يقبلن بالرواتب القليلة، وتقدم لهن مبالغ تعتبر قليلة مقارنة بالمجهود الذي يبذل”.

وجود المدارس الخاصة دون حسيب أو رقيب وارتفاع أعدادها سنوياً، يجذب الباحثين عن فرص عمل والمتشبثين بالحياة للعيش في ظل الوضع الاقتصادي المتدهور الذي تمر به البلاد

ويضيف، “هنا في تعز، يستلم المعلم من 30 ألف الى 60 ألف، في ظل تدهور سعر الريال اليمني مقابل العملات الأجنبية وما يقابله من ارتفاع جنوني للأسعار، في ظل الاستغلال القائم من قبل مدراء المدارس والتي بلغ عددها العام الجاري بحسب مصادر خاصة في وزارة التعليم الى 193 مدرسة داخل المدينة فقط، بالإضافة إلى أن بعض تلك المدارس تعمل دون تراخيص رسمية وبشكل مخالف لمعايير التعليم”.

قوانين لا تعمل

اعتبر المحامي والناشط الحقوقي هشام بازرعة، المدير التنفيذي للمكتب العربي للقانون، أن المعلمون بناة المجتمع ومربو الأجيال والاهتمام بالمعلم وحقوقه القانونية يعتبر اهتمام بالمستقبل، وأن القانون الواجب التطبيق على العلاقة القائمة بين المعلم والمدرسة هو قانون العمل اليمني وقانون التأمينات الاجتماعية، لكن مدراء المدارس الاهلية تفرض قانون خاص بها، وهو التوقيع على عقد عمل مدته سنة ينتهي خلال الإجازات الصيفية ويعاد إبرامه في العام الذي يليه وهذا يتنافى كلياً مع أحكام قانون العمل اليمني.

قانون التأمينات الاجتماعية يفرض توريد الاشتراكات لكل عامل حيث حددت المادة ٤٩ من قانون التأمينات الاجتماعية بأن تكون حصة صاحب العمل ١١% من الأجر ونسبة ٧% عن العامل يؤديها صاحب العمل للمؤسسة شهرياً ولكن وفي حالة عدم الاشتراك في نظام التأمينات الاجتماعية فقد حددت المادة ١٢٠ من قانون العمل اليمني بأن العامل يستحق مكافأة نهاية الخدمة تقدر براتب شهر عن كل سنة خدمة وفقا لآخر اجر تقاضاه العامل مالم يكن مشمولاً بنظام التأمينات الاجتماعية أو أي نظام تأميني آخر، وهذا ما لا يتم تطبيقه في المدارس الاهلية، يضيف المحامي بازرعة.

ودعا في ختام حديثه وزارة التربية والتعليم الى ممارسة دورها الرقابي من قانون العمل اليمني بأن يختص مفتش العمل بمراقبة مستوى تطبيق تشريعات العمل ونظمه وعقوده وكل ما يصدر من قرارات وتوجيه إشعارات لأصحاب العمل بما يقع منهم من مخالفات وطلب إزالتها وتحرير محاضر ضبط المخالفات عند تكرارها ، ووضع ضوابط قانونية للمدارس أثناء ابرامها العقود ومنحهم الحقوق القانونية الكاملة التي نص عليها القانون ومنها الاجازات السنوية ومكافأة نهاية الخدمة حيث أننا نجد أن المدارس الأهلية لا تقر بالإجازات السنوية فهي تنهي العقد بانتهاء العام الدراسي وتقوم بإبرام عقد جديد في العام الذي يليه دون مراعاة امتداد العقد الذي يبرم لنفس الغرض مع نفس صاحب العمل .

” تم نشر هذا التقرير بدعم من JDH/ JHR صحفيون من أجل حقوق الإنسان والشؤون العالمية في كندا “

مقالات ذات صلة