صانعة الحلوى
حجة / جيهان عادل :
رائحة زكية تنبعث من هذا المنزل، لابد أنها رائحة حلويات شهية، بالتأكيد فهو المنزل الذي سأستلم منه كعكة عيد ميلاد اختي الصغرى. وبعد دقيقة من الانتظار تظهر صانعة الحلوى حاملة بيدها الكعكة التي طلبتها.
انها عبير ذو الثامنة والثلاثون ربيعا والتي تسكن في مدينة حجة وبعد زواج دام أكثر من عشرين عاما وجدت نفسها بين ليلة وضحاها اصبحت أرملة ومسئولة عن ثلاث فتيات وذلك بعد ان وصلها خبر وفاة زوجها في الحرب.
وبهذه الكلمات وصفت عبير حالها بعد وفاة زوجها: “أنا ام لثلاث بنات وفجاءة اصبحت ارملة ومسئولة عنهن، في البداية امي واخوتي واعمام بناتي كانوا يسألوا عنا ويرسلوا لنا مصاريف، وبعد فترة انشغلوا بحياتهم، فساءت حالتنا المادية كثيرا.”
وهكذا مرت الايام والحالة المادية لعبير وبناتها تزداد سوأ حتى كان ذلك اليوم الذي غير مجرى حياتهن، تضيف أسماء البنت الكبرى لعبير: “في عيد ميلادي التاسع عشر كنا نتذكر والدي وكيف كان يشاركنا احتفالاتنا السابقة، وتذكرنا الحلويات اللذيذة التي كانت امي تصنعها، وفجاءة قالت اختي ندى موجهة الحديث لأمي ما رأيك لو نصنع حلويات ونبيعها، ستدر علينا الربح الوفير.”
فكرت عبير بكلمات ابنتها ندى وتذكرت إطراء جاراتها وقريباتها على الحلويات التي كانت تصنعها، بعد ذلك قررت أن تعرض فكرة صنع الحلويات على صديقاتها وجاراتها واتفقت معهن على أنها ستصنع لهن الحلويات في كل المناسبات القادمة. كما حظيت عبير بالتشجيع من أقاربها وصديقاتها.
كما تضيف عبير: “كل الذين عرضت عليهم الفكرة رحبوا بها ولكني كنت بحاجة لراس مال لأبدا مشروعي، فاضطررت لبيع خاتمي الذي كان اخر ذكرى لي من زوجي المتوفى لاشتري بعض المستلزمات التي احتاجها لصنع الحلويات.”
وقالت هدى صديقة عبير المقربة: “عندما بدأت عبير مشروعها كانت خطوبة ابنتي فصنعت لنا كل الحلويات التي نحتاجها للاحتفال، وكانت الحلويات هدية منها، إلا أني رفضت ذلك، لأني أدرك كيف ساءت حالتها المادية بعد وفاة زوجها”.
مرت الأيام وحلويات عبير تزداد شهرة حتى أنها لم تعد تصنعها لمناسبات وافراح صديقاتها ومعارفها فحسب، بل اصبحت تتعامل مع عدة جهات وتصنع الحلويات والمقبلات في الفعاليات التدريبية، والمهرجانات وكذلك الاحتفالات.
كما تقول عبير:”الطلبيات أصبحت تأتيني بكثرة، ولم يعد بالامكان أن البي جميع الطلبيات فأعتذر احيانا عن بعضها.”
وتضيف: “الأهم من كل ذلك أني ذهبت للصائغ الذي بعت خاتمي له في بداية مشروعي، بعد مرور ثمانية أشهر، واتفاجأ بأن خاتمي مازال موجودًا لديه، واستعدته بضعف الثمن الذي بعته به، وكنت سعيدة بذلك، فقيمة الخاتم الحقيقة هي في قلبي ولا تسويها كنوز الدنيا”.
وتقول اخصائية علم الاجتماع رضية باصمد: “يتضح لنا جليا أن المرأة استطاعت كسر قيود العجز والاعتماد على الآخرين في ظل الحرب في اليمن من خلال مشاركتها في سوق العمل بمشاريع صغيرة من منازلها أو التجارة في الأسواق، أو ممارسة المهن كالعاملات في ألمطاعم والتي كانت تعد مهن متعلقة بالرجال فهي يذلك تكون قد ساهمت في تعزيز دور المراءة في المجتمع.”
وترجع باصمد سبب خروج المرأة للعمل، هو فقدانها لمعيلها أو انعدام مصدر الدخل الناتج عن الازمه الاقتصادية التي تسببت بها الحرب، مشيرة إلى أن العمل يعزز لدى المرأة الشعور بالأمان والحماية الاجتماعية هذا يعتبر مصدر دخل جيدا لها.
شعرت عبير بالاستقلالية والاكتفاء رغم ان دخلها لم يكن ثابت فهو يزداد وينقص معتمدا على الطلبيات التي تصلها خلال الشهر، وتختم عبير كلامها بالحديث عن وضعها الحالي:
“الحمدلله كثيرا اصبحت قادرة على إعالة أسرتي، أصبحت صانعة الحلوى المكتفية والمستقلة ماديا.”