عُلا قصه النجاح المبكر.

نقل عن صوت إنسان.

ليس من السهل أن تصل فتاة صغيرة لا يتجاوز عمرها 17 عامًا ومن مجتمع مازال فيه الكثير من معيقات النجاح بالنسبة للمرأة التي تقتحم ميدان العمل، وخاصة منها التي لها علاقة بالنشاط المجتمعي، فوصول المرأة في المجتمع اليمني إلى مراكز قيادية سواء سياسية أو في النشاط المجتمعي الثقافي والتنويري والإبداعي، يعتبر قصة نجاح عظيمة؛ لأن ذلك بكل تأكيد احتاج الكثير من الكفاح والمكابدة؛ لكن ما حدث في قصة علا السقاف مختلف قليلًا فهي سبقت الوقت وتخطت الصعاب بسرعة، ليصبح للفتاة التي لم تتجاوز 25 سنة حضورها المؤثر في اليمن، وأصبحت صاحبة قصة نجاح تستحق الإعجاب.

الفتاة الصغيرة والتي كان عمرها 17 عامًا مثلت الشباب اليمني عام 2012م في أكبر المحافل الدولية في أمريكا، كانت حينها طالبة في الصف الثالث الثانوي في قسم الموهوبين بمدرسة زيد الموشكي بمدينة تعز (جنوب غربي) اليمن.

لم تمنح علا السقاف فرصة مهمة أن تكون ممثلة عن الشباب اليمني في مؤتمر الفائزين بجائزة نوبل للسلام في ولاية شيكاغو الأمريكية؛ إلا لدورها وحضورها المجتمعي المؤثر في مدينة تعز من خلال كثير من الأنشطة المجتمعية التنويرية منها والتعليمية والإنسانية، فقد بدأت بالعمل المجتمعي منذ عام 2010 مضيفة انها أسست مبادرتها الشبابية الأولى في عام 2012م.

تقول عُلا لـ”صوت إنسان”، إن هذه الفرصة كانت دافعًا كبيرًا لها أن تواصل مشوار النجاح بروح أكثر حماس وعزيمة أقوى كما تصف، فقد تفوقت عام 2013م في دراسة الثانوية، بنسبة 90% ولديها شهادات إثبات لغة؛ ولكنها لم تكن محظوظة كفاية لتحصل على منحة دراسية في الخارج.

وبلغة الفتاة الواثقة وبصوت هادئ وملامح متطلعة تقول علا وهي تجلس على مكتبها في منظمة شباب بلا حدود بتعز، وتعمل فيها حاليًا كمديرة للبرامج والمشاريع: “لم أحبط من عدم حصولي على منحة دراسية، فكان عليّ أن لا استسلم ويتعثر حلمي فقررت التنسيق في كلية الآداب بجامعة تعز والبدء بالدراسة الجامعية فيها”.

وتضيف السقاف بأن دراسة تخصص الترجمة غير موجود في جامعة تعز، ودراسة هذا التخصص كانت رغبتها الأولى، الأمر الذي جعلها تقرر دراسة أدب انجليزي، ولم تمض سنتان على دراستها في الجامعة حتى اندلعت الحرب في اليمن عام 2015م، فتوقفت الدراسة، وكان على والدها كما تقول علا أن يغادر معها وبقية أفراد الأسرة من منزلهما في حي الضبوعة بمديرية القاهرة إلى ريف المدينة الغربي وتحديدًا إلى منطقة التربة هربًا من المواجهات العسكرية والقذائف التي تسقط على أحياء المدينة.

وتتذكر علا وهي تسرد مرارة الواقع الجديد الذي فرضته عليها الحرب في الريف، ومواجهتها لمختلف الصعوبات الكثيرة منها المعيشية وما يتعلق بالسكن، والأهم كما تؤكد علا هو توقف راتب والدها ووالدتها والعيش في ظل ظروف غاية في الصعوبة، واصفة بأن التأقلم مع واقعها هذا أثر فيها نفسيًا لكنها لم ترضخ لليأس واستغلت مختلف وقتها في القراءة واعتبرتها تجربة جديدة، ومن أهم محطات حياتها التي استفادت منها في تحدي الظروف ومجابهة التحديات كما تصف.

الظروف الصعبة التي عاشتها علا في الريف استمرت قرابة سنتين وتضيف: “عدنا إلى مدينة تعز بعد أن استقرت الأوضاع قليلًا وتم استئناف العمل في المؤسسات الحكومية والتي منها جامعة تعز وتمكنت من إكمال دراستي في كلية الآداب”.

تخرجت علا من كلية الآداب جامعة تعز عام 2018م وكانت الأولى على دفعتها، هذا بالطبع حسب علا يجعلها تحصل على معيدة بالجامعة، لكن ظروف الحرب وتوقف التوظيف منذ اندلاع الحرب، جعلها تتجه إلى النشاط المجتمعي، فقد رشحت أن تكون متحدثة عن الشباب في مؤتمر إقليمي أقيم في الأردن عام 2019م.

وعملت كما تحدثت لـ”صوت إنسان” مترجمة أونلاين إلى جانب نشاطها المجتمعي الذي ينصب على جهود الشباب في صناعة السلام باليمن والتي كان آخرها في إبريل الماضي، حيث كان لها إحاطة أمام مجلس الأمن حول اليمن متحدثة بالإنجليزية أونلاين عن الشباب اليمني ودورهم في صناعة السلام في اليمن وكيف يكون هذا الدور أكثر فعالية ويكون الشباب لهم حضور فعال في صناعة السلام، كما تطرقت حسب نص الإحاطة إلى مشاكل الفتيات في اليمن في ظل الحرب.

وسجلت نساء يمنيات خلال هذا العام حضورًا دوليًا متميزًا من خلال حصد جوائز مهمة كان آخرها فوز الحقوقية اليمنية هدى الصراري بجائزة “مارتن إينالز” للعام 2020 التي تعتبر من أرقى جوائز حقوق الإنسان في العالم في جنيف، وحصول ياسمين القاضي رئيسة منظمة فتيات مأرب ضمن اثنتي عشرة امرأة، على الجائزة الدولية للمرأة الشجاعة، التابعة لوزارةِ الخارجية الأمريكية.

كما سبق الكثير من النساء اليمنيات أن كان لهن حضور ناجح ومتميز في المجتمع، وفزن بجوائز، منهن 3 صحفيات فزن بجائزة صندوق الأمم المتحدة للسكان من خلال فوزهن بقصص صحفية تتعلق بقضايا العنف القائم على النوع الاجتماعي، والتي نظمها مركز الدراسات الإعلام الاقتصادي، حيث فازت كلا من الصحافيات حليمة محمد، رانيا عبدالله، وئام عبدالملك، وصفية مهدي، ونور الوهالي، وهذا يؤكد أن النساء اليمنيات تجاوزن عوائق المجتمع التقليدية، ويقدمن تجارب نجاح تستحق الاحتفاء والتكريم الدولي.

مشروع المستقبل
تطمح علا في المستقبل في تقديم مشروع شبابي يتمثل في تبني التجارب الشبابية اليمنية الناجحة في كل المجالات باللغات المختلفة وتقديمها للعالم وتقول “أؤمن أن الشباب هم مفتاح الحل، أؤمن أن طاقاتهم وقدراتهم يمكنها تحقيق الكثير”.

مقالات ذات صلة