في الباب الكبير الواقع شرق مدينة تعز تنتشر صناعات تقليدية من الفضة ،والنحاس التي اشتهرت به تعز إلى جانب صناعات حرفية ،ويدوية أخرى امتازت به اسواق تعز القديمة، من أواني نحاسية وفضية، ومشغولات حرفية كانت رائجه قبل الحرب،فعلى الرغم من ان الصناعات الحرفية، لم تعد باباً للرزق بالنسبة لبعض العاملين بسبب ضعف الإقبال عليها ،وكساد اسواقها ،ما يزال جيل المهنيين الشباب من يفخر بمهنته ويبدي استعداده للاستمرار فيها.
عبدالله العريفي يعمل على صياغة الفضة والعقيق منذ 20 سنة ولديه معمل للمشغولات الحرفية ،وصياغة الفضة والعقيق منذ عام 1996م في الباب الكبير “المدينة القديم ” اكتسب المهنة من والده، ويصر على الاستمرار بها قائلاً: „ هذه المهنة لم تعد باب للرزق فالدخل منها ضعيف جدا بعد الحرب قل طلب الزبائن على هذه المقتنيات، اصبحنا اليوم في هذا السوق نبيع خواتم ومحابس الفضة فقط وهذا مايحافظ على بقائنا في هذا السوق “
تحظى المشغولات الفضية والنحاسية بمكانه مرموقة لدى البعض ويحرص البعض على اقتنائها. على وجه الخصوص تلك التي تعود في تاريخ صنعها لحرفيين يمنيين ،والتي ازدهرت أبان الدولة الرسولية التي ظهرت في أيامها الكثير من الأدوات المنزلية المصنوعة من النحاس والفضة المزينة بالكثير من الزخارف ،والنقوش الدقيقة، والعبارات الشعرية، والحكم ،والأمثال القرآنية المنحوتة على سطوحها.
ورغم بدائيات الآلات المستخدمة في منتجات الحرف اليدوية ،إلا أن تراكم الخبرات، والمهارات عبر الأجيال المتوارثة للحرفة، مكن الحرفي التعزي من أن يبدع في المصوغات بإدخال الأحجار الكريمة عليها مثل العقيق ،والكهرمان، والياقوت ، إضافة إلى بعض النقوش الهندسية ،والنباتية المستمدة من البيئة·
اسباب الاندثار
اثناء تجولنا في الباب الكبير (المدينة القديمة) كسوق للمشغولات اليدوية، والنحاسية ،و غيرها من الأسواق المتعددة ،والخاصة بالحرفيين ،لاحظنا الكثير من هذه الصناعات الحرفية ، والإبداعية مهددة بالاندثار ،والعديد من المحلات اغلقت.
اوني فضية مصنوعة محليا
ويضيف محمد العريفي: ان النحاسيات المستوردة رخيصة الثمن التي وجدت رواجاً واسعاً في السوق اليمنية لتميزها بأسعارها المناسبة، وتعدد أشكالها ،وزخرفتها ، وجمال منظرها دورا هاماً في قلة الاقبال على المنتج المحلي في ظل افتقار الحرفيين التعزين لعملية التدريب، والتأهيل ،والاطلاع على التطورات التي تشهدها هذه الصناعات في مختلف دول العالم.
و يتابع: ان الأواني النحاسية، والفضية تستخدم عند الكثير من الناس كمقتنيات تذكارية ،وادوات زينة يحتفظ بها الكثير في منازلهم باعتبارها جزءًا من تاريخهم ،وتراثهم العربي، بعد أن كانت تمثل حاجة ضرورية مرتبطة بالحياة اليومية للإنسان اليمني منذ أن استخدم الإنسان الأحجار في صناعة الأواني الحجرية ،وصناعة السلاح والسكاكين ،وكل ما يحتاج إليه في عصور ما قبل التاريخ.
صعوبات وتحديات
يقول الحرفي عبدالله اسماعيل العريفي (المدير العام لمركز المظفر للحرف اليدوية) لمشاقر ميديا: أن الصناعات الحرفية في اليمن بشكل عام وتعز بشكل خاص ، متدهورة وإذا استمر الحال بهذا الشكل سنجد أنفسنا انفسنا نفتقر إلى كثير من هذه الحرف لتصبح جزءًا من الماضي .
فالحرفيون في تعز لا يحظون بأي مزايا تتيح لهم الحصول على المواد الخام أو تعفيهم من الضرائب أو تساعدهم على الأقل في مجال تسديد فواتير الكهرباء لمحلاتهم في ظل الإهمال الرسمي وعدم الاهتمام بالحفاظ على الحرف اليدوية،والصناعات التقليدية.
ويضيف ان : قيام بعض التجار باستيراد منتجات رديئة الجودة إضافة إلى قيام بعض التجار بالمشاركة في معارض الحرف اليدوية بمنتجات صينية وهندية على أنها منتجات يمنية مما يسيء إلى منتجاتنا التقليدية الحقيقية ويؤثر على سمعة المنتجات المحلية.
و يؤكد ان : عدم توفر البنية التحتية، والمعامل والآلات والمعدات اللازمة لتطوير الصناعات التقليدية، ورفد الأسواق المحلية بها لمواكبة البلدان الأخرى.
وكذالك شحة الموارد المالية التي لا تفي على النحو الأمثل بتنمية الصناعات التقليدية..اضافة الى توقف السياحة التي كانت لها الدور الابرز في تحريك السوق والاقبال على الشراء.