ماذا عن الفرق الغنائية في أبين؟

أبين/ محمد أحمد

عُرفت أبين المحافظة الواقعة على الشريط الساحلي للبحر العربي بأنها كانت الحاضنة الأبرز للحركة الفنية والثقافية في اليمن منذ مطلع سبعينيات القرن المنصرم، وقد انجبت دثينة وهو اسم قديم لأبين الكثير من الفنانين الذين اطربوا مسامع اليمنيين والعرب من خلال أصواتهم الشجية المُعبرة عن أصالة الفن اليمني ، وقد شهدت أبين في أوقات سابقة منعطفات خطيرة بفعل الجماعات الإرهابية التي انتهكت حقوق الفنانين في العيش، وكادت ان تقضي على الحياة الفنية وقد أعاد فنانون الحياة للحركة الفنية في أبين بعد ثمانية عشر عاماً من التوقف من خلال انتاج العديد من الأغنيات وتنظيم عدد من الفعاليات الفنية. هنا تسلط “مشاقر ميديا “الضوء على عودة النشاط الفني الغنائي في أبين وتوثق جزءاً مهماً يتصل بالأغنية الأبينية.

العهد الذهبي

في عام 1971أسس مجموعة من الفنانين المنتمين للاتحاد الوطني لطلبة اليمن فرقة الفنون في مدينة زنجبار عاصمة محافظة أبين تحت اشراف الفنان الراحل المايسترو محمد أحمد بن عيسى، كانت الفرقة تجوب عدد من مدن أبين لإحياء احتفالات الأعياد الوطنية والمهرجانات المرتبطة بالمناسبات الاجتماعية وخلال عطلة الصيف، وفي الأيام الخاصة بالمهنيين كيوم الفلاحين ، ويوم الصيادين ، ويوم الانتهاء من حلج القطن ، وكذا الاحتفال بعيد الأم ، وغيرها من المناسبات ، وأستمر الحال حتى ثمانينيات القرن المنصرم حينها توقف كل شيء بسبب الحرب الأهلية في الجنوب التي عُرفت بأحداث يناير المشؤوم ، في حديثه لـ”مشاقر ميديا” يتذكر محسن كريدي أسماء عدد من الفنانين الذين عملوا ضمن قوام الفرقة الفنية في زنجبار قائلاً : “خلال فترة السبعينيات وهي الفترة الذهبية للفن في أبين أبدعت الكثير من الأسماء في مجال الغناء والتحلين والرقص أمثال: سعيدة صالح وبونة بامعافا وسلامة أمذيب وجلال ناشر”.

أثناء وعقب حرب يناير غادر العديد من الفنانين محافظة أبين متجهين الى عدد من المحافظات كصنعاء وتعز وا وغير ها من المحافظات الشمالية، هرباً من القتل أو الاعتقال.

هروب من الواقع

و في التسعينيات عاود الكثير من فناني أبين انشطتهم الفنية ،وشكل الفنانين الكبيرين محمد مسن عطروش وعوض أحمد ثنائي قدما روائع الأغنية الأبينية واليمنية، كما برزت أصوات قدمت أعمال غنائية متميزة كالفنان الراحل محمد علي الميسري ، والفنان علي سيود.

في العام 2009 ازداد الوضع سوءاً بالنسبة للفنانين المقيمين في مناطق أبين بسبب بدء سيطرة تنظيم القاعدة عليها، الأمر الذي دفع العديد من الفنانين الى مغادرة أبين لمناطق يمنية أخرى بحثاً عن الأمان ومنذ ذلك الوقت حتى 2014 شهدت أبين معارك مسلحة متقطعة بين القاعدة وقوات حكومية وقبلية يمنية وحروب أخرى بين مقاتلين من جماعة الحوثي واخرين موالين للحكومة اليمنية المعترف بها دولياً.

وعلى الرغم من اشتداد ازيز الرصاص إلا أن أصوات الفنانين في أبين كان مستمراً في الطرب وخلال تلك الفترة حتى الوقت الراهن برزت أصوات غنائية ساهمت في استمرار اثراء الساحة الغنائية اليمن ، من بين هؤولا الفنانين: احمد الجيشاني و عيدروس الجعدني وعوض دحان ،صالح قاسم ، جميل الخيراني ،صالح احمد البصير، عبدالله عوض مقادح ، باسل احمد باشعيب، احمد ديرم ،عمر صالح العامري، الخضر سالم.

“برزت أصوات غنائية ساهمت في استمرار اثراء الساحة الغنائية اليمن ، من بين هؤولا الفنانين: احمد الجيشاني و عيدروس الجعدني وعوض دحان ،صالح قاسم ، جميل الخيراني ،صالح احمد البصير، عبدالله عوض مقادح ، باسل احمد باشعيب، احمد ديرم ،عمر صالح العامري، الخضر سالم”

تطلعات وامال

في الآونة الأخيرة أسس ردفان عمر وعدد من الفنانين في محافظة أبين “جمعية فناني أبين”،و وردفان حالياً يشغل منصب رئيس الجمعية، وخلال الثلاثة أعوام المنصرمة نظمت الجمعية عدد من الأنشطة الفنية على مستوى عاصمة المحافظة ،وكان أخر هذه المناشط تنيظم مهرجان فني بمناسبة عيد الأضحى المبارك، بعنوان “حبا في أبين”، يقول ردفان عمر متحدثاً لـ”مشاقر ميديا”،” حملت الفعالية رسالة إعلامية سامية لربط الفن بالإنتاج وتوجيه الفن لنشر الحب والسلام وتشجيع المزارعين على زراعة القطن ودعم مشروع إنشاء سد حسان من خلال الأعمال التي تم إعدادها بعناية لهذا القطاع”.

تضمنت الفعالية مجموعة من الأعمال الفنية الجديدة التي تغنت في أبين وعمل فني جديد عن العيد وعمل جماعي بعنوان (أرضك يامزارع ذهب) على إيقاع الرزحة ،كلمات الشاعر الشعبي الكبير كور سعيد عوض الحان عبد الباسط قاسم. شارك في الفعالية قرابة 36 شخص بينهم فنانين وموسيقيين وإنشاد وفرفة الرقص الشعبي،وأبرز الفنانين المشاركين في الفعالية الفنان المخضرم وهيب المسلماني والفنانين وجدي عبدالله وهجير النخلي وفتحي زيد وعمر يحيى ، بالإضافة الى الفنان ردفان عمر.

يرى ردفان أن غياب الدعم والاهتمام الحكومي لمجمل الأنشطة الفنية في أبين ، من أبرز الأسباب الحقيقة التي تقف عائقا أمام تفعيل النشاطات الفنية هناك، إضافة الى مشكلة عدم اكتمال زوايا المكون الفني لبعض الفرق أو المنتديات الفنية بسبب غياب وانعدام التأهيل والتدريب للمواهب لتحل محل القدماء حيث شاخ البعض ومات البعض في الوقت الذي يحتضر فيه آخرين ، كذلك استمرار مشكلة عدم توفر الادوات الموسيقية .

غياب الدعم والاهتمام الحكومي لمجمل الأنشطة الفنية في أبين ، من أبرز الأسباب الحقيقة التي تقف عائقا أمام تفعيل النشاطات الفنية هناك، إضافة الى مشكلة عدم اكتمال زوايا المكون الفني لبعض الفرق أو المنتديات الفنية بسبب غياب وانعدام التأهيل والتدريب

يتمنى ردفان من كافة المشتغلين في الحركة الغنائية في أبين العمل سوية ،بعيداً عن السياسة ،من أجل خدمة المشهد الفني والثقافي ومراعاة أحوال المبدعين والعمل على تحسين أحوالهم وتشجيع الابداع والعمل على عودة البريق الفني والألق الثقافي إلى سابق عهده في أبين ،المحافظة التي أعطت الوطن فنانين كبار كالعطروش وعوض احمد ومحمد علي ميسري .

مقالات ذات صلة