الرقص الشعبي

أروى عبده عثمان

يقولون : ” إن الرقص الشعبي تعبير بوجـدان الحركة عن رد فـعـل جـمـاعي لدورات الـحـيـاة الهامة”

ومثلما رافق الغناء الإنسان من المهد إلى اللـحـد .. كـان للرقص نفس الدور على مسيرة الانسان من مهده إلى لحـده ولنتأمل الانسان .. كم من الحركات التي تصدر منذ مولده وعلى طول مراحل حـيـاته المختلفة، حـتى في مـوته حيث تؤدي رقـصـات جنائزية تخص طقس الموت الذي يحمل الايقاعات الحزينة.
هذه الأم كم من الحركات الراقصة التي أدتها عند قدوم وليدها إلى هذا العالم، كم رقصته في هدهدته، عند نطقه لأول كلمة ،عند مشيـه، عند طلوع أول سن، في أكله، منامـه، نجـاحـة، وعند زواجه وهكذا ..

فما دامت هناك حركة، فلابد من وجود رقص وظواهر الطبيعة مليئة بالحركات الراقصة .. في حركة النبات ، والحـيـوان وخـرير المياه..إلخ .

ومنذ فـجـر الـتـاريـخ عـبـر الإنسان عن وجـوده الاجتماعي ، أكان في المجتمع البدائي المتوحش ام في وجوده المتحضر في اطار الجماعات .. كان ذلك التعبير بالرقص، فـرقص الانسان الأول للتقرب واسترضاء الآلهه فهي التي تمنحه الأمان والخير والتناسل ، وتدفع عنه غضب الطبيعة والأرواح الشريرة، وهذا مـا نـجـده جـليـاً في النقوش الجدارية عند الشعوب القديمة.

ومن هنا نشأ الرقص الديني ، والرقص الطقسي الذي يحقق غاية معينة مـردها بعث الطمانينة التي تكون في التجرد من الماديات والحسيات.

فنجد الرقص الديني مـوجـود عند المسلمين في حلقات الذكر عند المتصوفة فهـذا جـلال الدين الرومي يقول : « من يدري قدرات الرقص يغني في الذات الأنه يدري كيف يمكن أن يؤدي الرقص إلى الفناء .. نخـرج إلى ان الرقص يؤدي وظيـفـة اجـتـمـاعـيـة دينية عند الشعوب وتختلف هذه الوظيـفـة بحسب المناخ ، والظروف الجـغـرافـيـة والمزاج .. والظرف الاجـتـمـاعي ..

فكل عـصـر له رقصاته الخاصة الذي يكون مرتبطاً بالـحـاجـة والمطلب الاجتماعي فكما وجد الرقص للتقرب إلى الالـهـه كان الرقص يفرح عندما يكون الحصاد وفيراً، وعندما يكون الصيد كثيراً وذاك يفرح لأنه حقق نصراً عظيماً على عدو طاغ وآخر رقص لأنه شفي من مرض أو علة مـا .. بل ويقال هذا الصدد .. أن الرومان استاجروا راقصتين من ابروريا القديمة في القرن الرابع قبل الميلاد ليطردوا عنهم وباء الطاعون.

وكثيرا مايتداخل الدين بالسحر عبركثير من الممارسات الشعبية كالمعتقدات الشعبية ويتجلى هذا برقصات مثل الرقصات التي تؤدى في الزار رقصات السيف أثناء حفلات الزواج .. التي يراد نها طرد الأرواح الشريرة .. وعادة ارتداء أقنعة وجلود الحـيـوانات في المناسـبـات الـعـديدة مثل”أمير العيد ” التي يؤدي طقسها في الرقص في مناطق عديدة من اليمن فهي تستهدف كما قال حد علماء الفلوكلور وحـسب منطق السـحـر التقليدي إلى اجتذاب الحيوان المراد اقتناصه.

ولقد استطاعت الأدلة العلمية ان تكشف الستار من مـا لـلرقص من قدرات على شفاء المرضى من الهم .. فاجريت الدراسات العلمية على قـبـائل لازاندييـون في وسط أفريقيا لمعرفة الرقصات لتي تشفي المريض .. مثله مثل العلاج بالموسيقى .

أخيـرا يرتبط الرقص بالغناء، والآلات الموسيقية .. لكن هناك رقصات تؤدي بدون هذه الاشياء ، وتعـتـمـد على الايقاع الداخلي مع تصفيق بالأيدي ، وكذلك الهمهمات التي يصدرها الراقصين ويوجد هناك نوعان من الرقص .. رقص فردي ورقص جـمـاعي .. ورقص بطيء ، ورقص ايقاعات وحركات عنيفة تصل إلى حد الهستيريا كما في رقصة نعشة البقاره ، ولاننسى إن كثيراً من الرقصات تؤدى بملابس خاصة بها . .

مقالات ذات صلة